الاثنين، 10 أغسطس 2009

البلاغة

البلاغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسل الله وبعد :

هذا كتاب البلاغة وهو يدور حول البلاغة بمعناها فى الإسلام .

البلاغة :

هى توصيل المراد للأخر بأى ألفاظ فإذا تحدث الإنسان لإنسان أخر ولم يفهم الأخر فالحكم هو أحد أمرين :

- أن المتحدث ليس بليغا . – أن المستمع غبى .

والبلاغة عند الناس تطلق عندهم على ما يسمونه المحسنات وهى تسمية خاطئة لأن الكلام كله محسنات ولا يوجد فى الألفاظ ما يسمى غير حسن ويمكننا أن نطلق على المحسنات المعدات أو الأساليب المعدة من قبل لفظها ونطقها غالبا وهى تسمية أدق وإن كانت ليست دقيقة مئة فى المئة وهى تنقسم للتالى :

-معدات صوتية – معدات كتابية خطية – معدات فى أساليب الإفهام والإستفهام ومما ينبغى قوله أن المحسنات وهى المعدات كما تعد من قبل تأتى فى لحظتها دون إعداد مسبق .

ضروب الكلام :

الكلام على نوعين :

-الإستفهام وهو السؤال على اختلاف أنواعه .

-الإفهام وهو الإخبار على اختلاف أنواعه .

ومن ثم فكلامنا كله ينحصر فى الإستفهام والإفهام أى الإستخبار والإخبار.

هدف السائل :

يهدف السائل إما للمعرفة أو الاستهزاء أو التعجب وقد يدمج هدفين أو الثلاثة فى بعضهم.

هدف المجيب :

يهدف المجيب إما للتعريف وإما للخداع والإضلال والهدف العام هو أن يفٌهم كما يريد للمتكلم أن يفهم .

عما نسأل :

أدوات الإستفهام تسأل عن التالى :الفاعل والفعل والزمان والمكان والحال والعدد والنفى والإيجاب والسبب والهيئة والإختيار .

المعدات الصوتية والكتابية :

تتمثل قوانين المعدات الصوتية فى التالى :

-التشابه بين الصوتين الأخيرين من الكلمة الأخيرة فى الجملتين ويسمونه السجع والتصريع .

-التشابه بين عدة أصوات فى الكلمتين الأخيرتين فى الجملتين ويسمونه الجناس غير التام .

-التشابه بين أصوات الكلمتين الأخيرتين من الجملتين ويسمونه الجناس التام .

-التشابه بين الكلمتين الأخيرتين من الجملتين سواء فى صوت أو اثنين أو أكثر .

-التشابه بين كلمات الجملتين كلهم أو بين ثلاث كلمات أو أكثر .

وهذه المعدات الصوتية تتشابه مع المعدات الكتابية فيما عدا التالى :

الحروف التى تنطق وتكتب على شكل حرف أخر والمراد أن الحرف الذى ينطق نطقا معينا ولكنه طبقا لقوانين الكتابة يكتب على شكل غير الحرف الذى يكتب به المنطوق ومن أمثلة هذا قولنا الذى قضى وهدى هو الذى علا فألف قضى وهدى كتبت ياء رغم نطقها ألف وللقوم من البلاغيين والنحاة اصطلاحات وتفريعات وتفصيلات لا أهمية لذكرها .

أساليب الإفهام :

الأساليب متنوعة وكثيرة والهدف منها بيان ما يريد المتكلم سواء كان يريد حق أو باطل ولذا قال تعالى بسورة الرحمن "خلق الإنسان علمه البيان "ويطلق على الأساليب هذا الإسم للتالى :

اختلافها فى الشكل فكل أسلوب له شكل أى نظام معين يتم السير عليه وهى تستعمل للتعبير عن أى شىء ومما ينبغى قوله :

-أن الأسلوب قد يكون صادق أو كاذب حسب ما يريد المتكلم .

-أن الأسلوب إما مختصر أو مطول أو معتدل .

-أن بعض الأساليب تتشابه فى بعض أحكامها وتختلف فى البعض الأخر .

-أن ما لم نذكره هنا ليس أسلوبا بلاغيا مثل الاستعارة والآن لذكر الأساليب .

1- النداء :

هو إعلام شخص أو أكثر أو أمة بأن الخطاب موجه لهم وهو يستخدم استخدامات هى

-ذكر اسم المنادى دون ما يسمى أداة النداء مثل قوله بسورة طه "طه ما أنزلنا عليك الذكر لتشقى ".

-ذكر اسم المنادى وأداة النداء مثل قوله بسورة الصف "يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ".

-حذف المنادى مع وجود أداة النداء وهذا عندما ننادى على من لا نعرفه أو نريد تحقيره .

-ذكر اسم غير اسم المنادى مع أداة النداء .

-ذكر اسم غير اسم المنادى دون أداة النداء .

2- القسم :

هو الحلف بشى أو أكثر على أمر أو أكثر لإبلاغ الأخرين بصدقه معهم وقد يكون كاذبا وله صور متعددة منها القسم بواحد أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر فمثال القسم بواحد قوله بسورة الواقعة "فلا أقسم بمواقع النجوم"ومثال القسم باثنين قوله بسورة القيامة "لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة "ومثال القسم بثلاثة قوله بسورة المدثر "كلا والقمر والليل إذا أدبر والصبح إذا أسفر"ومثال قسمه بأكثر قوله بسورة الفجر "والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر "وكما يتعدد المقسم به يتعدد المقسم عليه وصوره هى القسم على واحد مثل قسم الله على كون الإنسان مخلوق فى كبد بقوله بسورة البلد"لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان فى كبد "والقسم على أمرين مثل قسم الله على فلاح المزكى وخيبة المدسى بقوله بسورة الشمس "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "والقسم على ثلاثة أمور مثل قسم الله على أنه ما ودع رسوله (ص)وأن الآخرة خير له من الدنيا وأنه سوف يعطيه حتى يرضى فى قوله بسورة الضحى "والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى "والقسم على أكثر من ثلاثة مثل قسم الله على أن النبى (ص)ما ضل أى ما غوى وأنه لا ينطق عن الهوى وأن الكلام هو وحى الله وأن معلم الوحى هو جبريل (ص)وفى هذا قال بسورة النجم "والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى "

3- التبرير :

هو قول الأسباب التى أدت لوقوع شىء ما والأسباب تتعدد لسبب أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر ومثال السبب الواحد أن سبب شراء المسلم نفسه هو ابتغاء رضا الله كما قال بسورة البقرة "ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله " .

4- النقل :

هو ذكر ما قاله الأخرون فى موضوع ما والنقل على صورتين :

-نقل جزئى حيث يختار الناقل جزء معين من كلام الأخر هو ما يهمه .

- نقل كلى وفيه يذكر الناقل الكلام كاملا دون نقص .

والنقل لا تستخدم فيه كلمات قال وقالوا وما شابهها فقط وإنما تستخدم فيه ألفاظ عديدة مثل تحدث وتكلموا وتكلمت ومن أمثلة النقل فى القرآن قوله بسورة البقرة على لسان الملائكة "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "وقول المنافقين بسورة المنافقون "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله " .

5- التعديد :

هو ذكر أعداد شىء ما وهو على صورتين :

-أن يذكر العدد أولا والمعدود ثانيا مثل قوله تعالى بسورة المجادلة "فإطعام ستين مسكينا "وقوله بسورة التوبة "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ".

-أن يذكر المعدود أولا والعدد ثانيا مثل قوله بسورة الأنعام "من الضأن اثنين ومن المعز اثنين "وقوله بنفس السورة "وما من إله إلا إله واحد "

6- الإفتراض:

هو تخيل ما يحدث إذا وجدت حالة ما وهو على صورتين :

- افتراض مستحيل الحدوث لا يمكن تحققه مثل أن السموات والأرض لهما آلهة سوى الله فيكون حالهما الفساد وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ".

- افتراض ممكن التحقق وهو إقامة اليهود والنصارى أو بعضهم للتوراة والإنجيل والقرآن حتى يأخذوا البركات من أعلى ومن أسفل وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ".

7-النفى:

هو تقرير عدم وجود شىء ما أو عدم فعله وقد يستخدم فيه ما يسميه البعض أدوات النفى أو لا يستخدم ومن أمثلة النفى القرآنى نفى الله وجود محمد(ص)عند جبل الطور أيام موسى (ص)فى قوله بسورة القصص "وما كنت بجانب الطور إذا نادينا "ونفى إبراهيم (ص) تحطيم الأصنام عن نفسه ونسبة التحطيم للصنم الكبير وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا "والمثال الأول هو النفى الصادق والثانى هو النفى الكاذب ولو أريد به الخير .

8-الإثبات :

هو تقرير وجود شىء ما أو حدوث شىء ما ويستخدم الإثبات العديد من الاستخدامات ومن أمثلته إثبات موسى (ص)أن الله ربه بسورة طه "قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى "وإثباته جريمة القتل على نفسه بالاعتراف حيث قال بسورة الشعراء "قال فعلتها إذا وأنا من الضالين "وإثبات الكفار ذنبهم بعدم وجود السمع أى العقل للوحى الإلهى وفى هذا قال تعالى بسورة الملك "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم " ومن ثم فالإثبات صادق وكاذب .

9- التكرار :

هو إعادة قول معين عدة مرات فى الحديث والتكرار يختلف من قول لأخر فى العدد فمثلا قوله تعالى بسورة المرسلات "ويل يومئذ للمكذبين "تكرر عشر مرات ومثلا قوله تعالى بسورة الرحمن "فبأى آلاء ربكما تكذبان "تكرر 31 مرة ومثلا قوله بسورة القمر "فكيف كان عذابى ونذر "تكرر 4 مرات .

10-التكثير :

هو ذكر كثرة شىء ما والتكثير يعود لنفس المتكلم بمعنى أن ما يعتبره مخلوق ما كثير قد يعتبره مخلوق أخر قليل ومن أمثلته فى القرآن إهلاك الله للكثير من الأقوام حيث قال بسورة الإسراء "وكم أهلكنا من القرون من بعد قوم نوح "وإن الكثير من الناس كفرة وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "فأبى أكثر الناس إلا كفورا "ومن التكثير صادق كتكثير الله لبنى إسرائيل بنفس السورة "وجعلناكم أكثر نفيرا "ومنه كاذب كالذى ورد على ألسنة الكفار.

11-التقليل :

هو ذكر قلة شىء ما وهو كالتكثير يعود لنفس المتكلم ومن أمثلة التقليل تقليل الله للكفار فى منام النبى (ص)فى قوله بسورة الأنفال "إذ يريكهم الله فى منامك قليلا "وتقليل الله للكفار فى أعين المسلمين وتقليل المسلمين فى أعين الكفار وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وإذ يريكموهم إذا التقيتم فى أعينكم قليلا ويقللكم فى أعينهم "ومن التقليل صادق كقلة المؤمنين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وقليلا ما هم "ومنه كاذب كتقليل الكفار مدة حياتهم لساعة وفى هذا قال تعالى بسورة الروم "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ".

التزمين :

هو تحديد زمان شىء ما سواء ماضى أو حاضر أو مستقبل ومن أمثلته فى القرآن تحديد زمن هلاك قوم لوط(ص)بأنه وقت الشروق بقوله بسورة الحجر "فأخذتهم الصيحة مشرقين "وتحديد وقت خروج لوط (ص)وأهله من القرية بأنه بعد قطع أى أجزاء من الليل بقوله بسورة هود"فأسرى بأهلك بقطع من الليل "وتحديد وقت الأسحار بأن المؤمنين يستغفرون فيه بقوله بسورة الذاريات "وبالأسحار هم يستغفرون "وتحديد زمن اليوم الإلهى بألف سنة من زمن الناس فى قوله بسورة الحج "وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ".

التمكين :

هو تحديد مكان شىء ما فى السموات أو فى الأرض أو بينهما أو تحت الثرى ومن أمثلته تحديد الله المكان الذى يقصده موسى (ص)بأنه مدين بسورة القصص حيث قال "ولما توجه تلقاء مدين "وتحديده مكان الإسراء وهو المسجد الحرام ونهايته المسجد الأقصى مصداق لقوله بسورة الإسراء "سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "وتحديد الغلام للصخرة التى فقد الحوت عندها بقوله بسورة الكهف "قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت ".

التعميم :

شمولية حكم أو رأى على جماعة أو أمة أو أسرة وهو يختلف من متكلم لأخر وقد وردت أمثلة على التعميم فى القرآن منها أن كل دواب الأرض وطيورها أمم مثل الناس وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" ومنها أن كل الدواب مخلوقة من الماء مصداق لقوله بسورة النور "والله خلق كل دابة من ماء "ومنها أن الواجب على كل الناس هو التقوى مصداق لقوله بسورة النساء "يا أيها الناس اتقوا ربكم ".

الإشارة :

هى الرمز لشىء ما بأدوات أو كلمات محددة ومن أمثلته فى القرآن الإشارة لموسى (ص)وهارون (ص)فى قوله بسورة طه"إن هذان لساحران "وأن ألم هى العدل أى القرآن بقوله بسورة البقرة "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " وأن الضمير فى قوله بسورة المدثر "عليها تسعة عشر "يشير للنار .

التخصيص :

هو تحديد حكم أو رأى لفرد أو أكثر من الجماعة وبألفاظ أخرى استثناء فرد أو أكثر من حكم عام وتطبيق حكم أو رأى خاص عليه ومن أمثلته استثناء قوم يونس (ص)من العذاب لأنهم أمنوا فمنع عنهم العذاب فقال بسورة يونس "فلو لا كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس "ومنها أن الله أباح لرسوله (ص)زواج أكثر من أربعة فقال بسورة الأحزاب "قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج ".

التفسير :

هو شرح قول ما بإختصار أو تفصيل ومن أمثلته فى القرآن قوله تعالى بسورة الجمعة "ويعلمهم الكتاب والحكمة "فالكتاب فسره بأنه الحكمة حيث أن الواو بمعنى أى وقوله بسورة الصف "وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب"فالنصر الإلهى فسره بأنه الفتح القريب وقوله بسورة المجادلة "فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله "فإقامة الصلاة تفسيرها إيتاء الزكاة تفسيرها طاعة الله ورسوله (ص).

التشبيه :

هو تمثيل شىء بشىء ومن أمثلته أن الله شبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة حيث قال بسورة إبراهيم "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة "وشبه الكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة حيث قال بنفس السورة "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة"وشبه الذى يدعوهم الكفار بماد كفيه للماء ليصل فيه وما هو بواصله فقال بسورة الرعد "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ".

الكناية :

هى استخدام ألفاظ فى غير معناها المعروف لدى الناس ومن أمثلته فى القرآن النون بقوله بسورة القلم "ن والقلم وما يسطرون "فهى كناية عن الناس بدليل أن الله أشار لهم بكلمة يسطرون فالذين يسطرون هم الناس الذين يكتبون الوحى ومنها حروف ألم بقوله بسورة البقرة "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه "فهى تعنى القرآن العادل والمعنى القرآن ذلك الحكم لا باطل فيه .

التوكيد :

هو الإلحاح على صدق القول بأدوات معينة بغض النظر عن كونه صادق أم كاذب ومن هذا قوله تعالى بسورة الإسراء "وبالحق أنزلناه وبالحق نزل "فإعادة القول هنا توكيد على حقيقة أن الوحى حق ومنه قوله بسورة الكهف "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة ثامنهم كلبهم قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل "فالتوكيد هنا على أن العدد سبعة وثامنهم كلبهم هو الصحيح بدأ بوصف القولين الأولين بأنهم رجم بالغيب بينما ألح على صدق الأخير بأن القليل هم الذين يعلمون به ومنه قوله تعالى بنفس السورة "قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمنى مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدنى إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا "فهنا موسى (ص)يطلب التعلم ثم يؤكد الطلب بأنه سيطيع المعلم ولن يعصاه .

التقسيم :

هو تجزئة القول لعدة أقسام ومن أمثلته فى القرآن قصة صاحب الجنتين فقد قسمها الله إلى ملكية الرجل ووصفها ،وتكبر الرجل على صاحبه وظلمه لنفسه والمحاورة بين الرجلين وهلاك الجنتين وحال صاحبهما وفى القسم الأول قال بسورة الكهف "واضرب لهما مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا "ومنها الحديث عن الأزواج الثلاثة بسورة الواقعة حيث بدأ بالمقربين ثم بأصحاب اليمين ثم بأصحاب الشمال .

النتيجة :

هى الشىء الباقى بعد وقوع حادث معين ومن أمثلتها فى القرآن أن نتيجة المكر هى تدمير الكفار وخلو مساكنهم فى الدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا "ومنها أن نتيجة دخول الملوك للبلاد الغريبة غزاة هى إفسادها وإذلال أعزتها وفى هذا قال تعالى على لسان ملكة سبأ "قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة "ومنها أن نتيجة إلقاء موسى (ص)لعصاه وابتلاعها أعمال السحرة هى سجود السحرة وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون فألقى السحرة ساجدين " .

الاعتراض :

هى وجود قول بين قول له جزء يسبق القول المعترض وله جزء يتلوه وهذا القول يقطع اتصال القول صاحب الجزئين ومن أمثلته الاعتراض فى القرآن ما جاء فى قوله تعالى بسورة الواقعة "فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم "فجملة "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم "اعترضت القسم والمقسم عليه لبيان عظمة القسم ،ومنها ما جاء بقوله بسورة الرحمن "حور مقصورات فى الخيام فبأى آلاء ربكما تكذبان لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان "فجملة "فبأى آلاء ربكما تكذبان "اعترضت الجملة حور مقصورات فى الخيام لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ومنها ما جاء بقوله بسورة آل عمران "قالت ربى إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنى سميتها مريم "فجملة والله أعلم بما وضعت اعترض تكملة كلام امرأة عمران حيث أنه ليس من كلامها .

الحذف :

هو عدم ذكر شىء ما مع وجود ما يدل على المحذوف ومن أمثلة الحذف فى القرآن قوله تعالى بسورة الرعد "ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم بها الموتى "فالمحذوف هنا هو أن الكفار لن يؤمنوا لو سارت الجبال أو تكلمت الأرض به أو كلم به الموتى ،ومنها قوله بسورة المدثر "عليها تسعة عشر "فقد حذف القائل كلمة ملكا لأن خزنة النار ملائكة لقوله فى الآية التالية "وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ".

الترجيع :

هو العودة إلى أمر سبق ذكره فى الكلام لغرض ما ومن أمثلته تحدث الله فى أول قصة يوسف (ص)عن رؤياه للكواكب والشمس والقمر فى الرؤيا ثم رجع الله للحديث عنها فى نهاية القصة عندما تحققت الرؤيا ومن الأمثلة تحدث الله عن يوم القيامة وما يحدث فيه من دخول الجنة ودخول النار حديثا طويلا فى أوائل سورة الأعراف ثم عاد للحديث عن يوم القيامة حديثا قصيرا فى أواخر السورة وإن كان الحديث القصير قد ذكر شىء لم يذكر فى الحديث الطويل وهو علم الله وحده بموعد الساعة فى قوله "يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو "وبقيته .

الاستدراك :

هو ذكر شىء ثم نسيانه فى أثناء الكلام وهو من أساليب المخلوقات وقد قيل فى الإنسان وما سمى الإنسان إلا لأنه ينسى وأما الله فلا ينسى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "لا يضل ربى ولا ينسى " وهو يختلف عن الترجيع فى أن الترجيع ليس نسيانا وإنما يكون مذكورا ولكنه يستبقى لذكره فى وقت ما.

التتابع :

هو ترتيب الأشياء أو الأحداث زمنيا أو عدديا أو غير ذلك ومن أمثلته فى القرآن قوله تعالى بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة "فهنا رتب الله الأحداث بحركة الأرض ثم حركة السماء وقوله بسورة الكهف "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم "فهنا ترتيب للأعداد من الأصغر للأكبر.

السؤال :

هو الاستفهام عن شىء ما ومن أمثلته فى القرآن قوله تعالى بسورة الملك "متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "وقوله بسورة طه"فمن ربكما يا موسى "وقوله بسورة يوسف "ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن ".

الرد:

هو الإجابة على السؤال ومن أمثلة الرد على الأسئلة قوله تعالى بسورة البقرة "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو "وقوله "ويسألونكم عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج "وقوله "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى " .

التقابل :

هو ذكر شىء مقابل شىء ومن أمثلته فى القرآن وجود فريق فى الجنة وفريق فى السعير وفى هذا قال تعالى بسورة الشورى "وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق فى الجنة وفريق فى السعير "وبسط الرزق للبعض وتقليله للبعض وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر "والله يمحو الباطل ويحق الحق وفى هذا قال بنفس السورة "ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ".

التناقض :

هو قول شىء يكذب قول سابق والمراد به التناقض الذى يقصده القائل وأما الذى لا يقصده فليس مرادا هنا والقرآن يخلو من التضارب المقصود فى الأخبار على اختلاف أنواعه ومما ينبغى ذكره أن التضارب المقصود يستخدم للإضلال حيث يريد المتكلم إثبات شىء فى صالحه .

التبديل :

هو جعل حكم مكان حكم دون أن يكون ذلك تكذيب للحكم السابق ومن أمثلته فى القرآن إباحة شرب الخمر قبل إقامة الصلاة بوقت كافى للبعد عن حالة السكر وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "ثم تبديل الحكم بحكم تحريم الخمر فى كل وقت بقوله بسورة المائدة"إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه "ومنه أن عدة الأرملة كانت سنة شرط وجود نفقة للأرملة وهذا قوله بسورة البقرة "والذين يتوفون يذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج "ثم بدل الله الحكم وجعل العدة أربعة أشهر وعشرة أيام بقوله "والذين يتوفون ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ".

التحديد :

هو تعريف الشخص أو الشىء الذى وقع منه أو عليه الفعل ومن أمثلة هذا فى القرآن قوله بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها "وقوله بسورة الأحزاب "فلما قضى زيدا منها وطرا "وقوله بسورة المسد "تبت يدا أبى لهب وتب"وقوله بسورة القصص "إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا "ففى كل جملة نجد شخص محدد ومحدد ما حدث منه أو له .

الإبهام :

هو عدم تحديد الشخص أو الشىء الواقع منه أو عليه الفعل بالاسم ومن أمثلة هذا فى القرآن قوله بسورة الأعراف "واتل عليهم نبأ الذى أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين "فهنا الشخص مجهول الاسم وقوله بسورة الكهف "واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين "فهنا لم يحدد الله أسماء الشخصين وقوله بسورة البقرة "أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها "فالشخص هنا والقرية لا أسماء لهما .

الطلب :

هو إرادة شىء من الأخرين أو من النفس ومن أشهر صوره الأمر والنهى والدعاء والتمنى ومن أمثلته فى القرآن أمر الله للمسلمين بالقتال فى قوله بسورة البقرة "وقاتلوا فى سبيل الله "ونهيه لهم عن قرب الصلاة وهم سكارى بقوله بسورة النساء "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "ودعوة زكريا (ص)أن يهبه الله ذرية صالحة بقوله بسورة آل عمران "رب هب لى من لدنك ذرية طيبة "وتمنى مؤمن يس أن يعلم قومه ثوابه بقوله بسورة يس "يا ليت قومى يعلمون ".

التنويع :

هو استخدام التكلم مع النفس ومع الغير عن غير الحاضر فى اختلاط وصوره هى :

استخدام التكلم مع النفس مع التكلم مع الغير ،استخدام التكلم مع النفس مع التكلم عن غير الحاضر ،استخدام التكلم مع الغير مع النفس ،استخدام التكلم مع الغير مع التكلم عن غير الحاضر ،استخدام التكلم عن الغائب مع التكلم مع النفس ،استخدام التكلم عن الغائب مع التكلم مع الغير ،ويسمى التكلم مع النفس تكلم ومع الأخرين خطاب والتكلم عن الغائب غيبة ومن أمثلة التنويع قوله تعالى "وما لى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون "وقوله " واستغفروا ربكم ثم توبوا إ ليه إن ربى رحيم ودود "وقوله "وهو الذى أرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا ".

الانتقال :

هو خطاب عدد من الناس بخطاب عدد أخر أو كلام عنهم وصور الانتقال هى :

خطاب الواحد بصيغة المثنى ،والمثنى بصيغة الجمع والجمع بصيغة الواحد والواحد بصيغة الجمع والمثنى بصيغة الواحد ومن أمثلة الانتقال القرآنى قوله بسورة ق"ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد "فألقيا تدل على المثنى ولكن المراد بها الجمع وهم خزنة النار وقوله بسورة محمد "ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا "فالفعل يستمع عبر عن المفرد بينما الفعل خرجوا عبر عن الجمع وقوله بسورة البقرة "مثلهم كمثل الذى استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون "فهنا الذى استوقد وحوله دلالة على المفرد وبنورهم وتركهم ويبصرون دلالة على الجمع .

التغيير :

هو التعبير بفعل زمنى عوضا عن فعل زمنى مختلف وصور هذا التغيير هى :

التعبير بالمضارع عن الماضى وبالماضى عن المضارع وبالأمر عوضا عن الماضى وبالمضارع عن الأمر وبالماضى عن الأمر وبالأمر عن المضارع ومن أمثلة هذا قوله تعالى بسورة النحل "أتى أمر الله فلا تستعجلوه "فهنا عبر عن المستقبل وهو يوم القيامة بصيغة الماضى .

القلب :

هو استخدام التذكير بدل التأنيث والضد ومن أمثلة هذا فى القرآن قوله تعالى بسورة الكهف "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة "فالورق مذكر ومع ذلك أشير إليه بهذه التى تستعمل غالبا مع المؤنث والجمع .

والحمد لله أولا وأخرا .

ليست هناك تعليقات: