الاثنين، 10 أغسطس 2009

الكلام

الكلام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين وبعد :

هذا كتاب يتناول الكلام بمعنى الحديث أى القول وليس ما يسمونه علم الكلام الذى يتحدث عن الذات الإلهية والسمعيات وغيرها وإنما يتحدث عن اللغة .

الكلام :

قال تعالى بسورة آل عمران"قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا "من القول نفهم أن الكلام ليس أقوال فقط وإنما أقوال ورموز يدل على هذا استثناء الله الرمز من الكلام ومن ثم فالكلام هو الإفصاح عن مراد المتكلم لنفسه أو لغيره بأى صورة رمز كان أو قول ،وقد سمى الله الكلام البيان فقال بسورة الرحمن "خلق الإنسان علمه البيان "وهو ظهور المراد بأى صورة يفهمها الأخرون .

ومما ينبغى قوله أن القول هو الأصل فى الكلام بينما الرمز هو الشاذ للتالى :

- أن الوحى النازل من عند الله قول كما قال بسورة الطارق "إنه لقول فصل".

- أن المكلف يتم تكليف بالقول .

- أن الأقوال هى المستعملة غالبا فى الحياة والرموز نادرا الإستخدام.

- أن معظم الرموز هى أقوال قبل أن تستعمل أو حين استعمالها ومثال هذا من يهز رأسه لأسفل موافق على الشىء فهذا يقول فى نفسه قول مثل أنا موافق لصواب الكلام أو هذا نافع أو هذا أفضل وعندما يهز الإنسان رأسه يمينا ويسارا رافضا فهذا يكون كلام فى نفسه مثل أرفض لكونه ضارا ،هذا قبيح .

مفهوم الكلام:

عرف الناس الكلام عدة مفاهيم منها :

"نظام رمزى صوتى تتفق عليه جماعة معينة ويستخدم أفراد الجماعة هذا النظام فى التفكير والتعبير والإتصال فيما بينهم "(1)و"نظام صوتى اعتباطى مكون من رموز وتراكيب مجردة "(2)و"نظام من العلامات يعبر عن أفكار "(3)كل هذه المفاهيم خاطئة فالأول يعنى أن الكلام من عمل الجماعة وهو من خلق الله مصداق لقوله بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها "والثانى يعنى أن الكلام خبط عشواء وهو ما يخالف حكمة الخالق فى قوله بسورة الدخان "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق "فالكلام لو كان اعتباطيا لجاز لنا أن نطلق كلمة الله مثلا على حيوان أو نبات وهو أمر مستحيل وأما المفهوم الثالث فيعنى أن الكلام يعبر عن الأفكار فقط وهو خطأ لأنه يعبر عن التخاريف والظنون والسؤال الآن ما هو مفهوم الكلام فى الإسلام ؟

والإجابة :نظام وضعه الله للإفصاح عن مرادات المخلوق لنفسه أو لغيره ومكون من أسس تحكمه .

أنواع الكلام :

ينقسم الكلام لكلام جهرى وهو غالبا بين الإنسان وغيره وكلام مكتوم وهو حوار بين الإنسان ونفسه ويسمونه حوار النفس وفيهما قال تعالى بسورة الأنبياء"إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "وينقسم الكلام الجهرى إلى :

-كلام مؤثر فى الأخرين وعن مثله قال تعالى بسورة النازعات "إنما أنت منذر من يخشاها "فإنذار النبى (ص)يؤثر فيمن يخاف عذاب القيامة

-كلام غير مؤثر وعن مثله قال تعالى بسورة نوح"رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى إلا فرارا "فكلام نوح(ص)لم يؤثر فى قومه .

-كلام يتبعه ما يحققه بعد فترة طالت أم قصرت وعنه يقول تعالى بسورة الكهف "ولا تقولن لشىء إنى فاعل ذلك غدا ".

والكلام المكتوم ينقسم لكلام يتبعه ما يحققه بعد فترة وكلام منحصر فى النفس يشمل كل شىء عدا الكلام الذى يتبعه ما يحققه وبهذا تنحصر أنواع الكلام فى التالى :

كلام مؤثر ،كلام غير مؤثر ،كلام منحصر ،كلام يتبعه ما يحققه بعد فترة .

وأسباب كون الكلام مؤثر أو غير مؤثر هو إتباع هوى النفس أو الحق ومن هذا قول قوم إبراهيم (ص)له "أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين "فهم مع معرفتهم بأن ما جاء به إبراهيم (ص)حق يسألونه هل ما أتى به حق أم باطل ؟وأيضا تفسير الأخرين للكلام ومثال هذا قول الإنسان لجماعة : سأحضر غدا فيظنها أصحابه وعدا ويظنها من يكرهونه وعيدا .

تكوين الكلام :

يتكون القول من الأسماء أى الألفاظ ويقسمونها لاسم ذات محسوس للمخلوق مثل ما يرى أو يشم أو يذوق أو يلمس من الأشياء واسم ذات خفى وهو كل ما لا يدرك بحواس الجسم ولهذا التقسيم يشير تقسيم الله المخلوقات لمبصرة يراها الإنسان وأخرى لا يراها وهذا قوله بسورة الحاقة "فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ".

مصدر الكلام :

يقصد بمصدر الكلام واضعه للناس وغيرهم من الأنواع وهو الله مصداق لقوله بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها "وقوله بسورة العلق "علم الإنسان ما لم يعلم".

تطور معانى الكلام :

مرت ألفاظ الكلام بمرحلتين :

1-كان لكل كلمة معانى محددة وقد امتدت من بداية وجود أدم (ص)حتى وقت مجهول وهى قصيرة الزمن .

2-أصبحت كل كلمة عرضة لدخول معانى جديدة عليها وأسباب هذا التطور هى هوى النفس الضال وهو الشهوات حيث سمت الأشياء بغير معانيها الحقيقية فمثلا سمت الصنم إله والبقرة إلهة كما جمع بعض الكلمات دون وجود حقيقى لها مثل إلهة وإلهات ولهذا يشير قوله بسورة يوسف "إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان "ومما ينبغى قوله أن معانى الكلمات ستظل عرضة للتغير طالما استمر الكفر والإسلام فالكفر يغير المعانى للخطأ والإسلام يعيد المعانى للحق .

خصائص الكلام :

يقصد بها أن كل كلام عربى أو غيره له مميزات خاصة تتمثل فى التالى :

1-النظام الخاص فكل لغة تختلف عن الأخرى فى ثلاثة أشياء هى :

-أصوات اللغة وإن كان هناك بعض الأصوات المشتركة بين عدد من اللغات .

-معانى الألفاظ وإن كانت هناك ألفاظ قليلة مشتركة بين بعض اللغات

-قواعد الأصوات فكل لغة لها قواعد خاصة فى نطق الأصوات وما يجاورها .

2-الإكتساب :يولد الإنسان وكلامه يتمثل فى حركات وجهه وجسمه وأصواته غير المعروفة المعنى لنا ويبدأ والداه فى تعليمه اللغة حتى يقدر على التفاهم مع الأخرين بعد هذا وهذه الميزة لم يخرج عنها سوى أدم (ص)وزوجته وعيسى (ص)ومن ثم فاللغة يكتسبها الطفل من الأخرين.

3-الإجتماع :الكلام لا يوجد فى فراغ فلابد من وجود جماعة يتعلم الأطفال منها اللغة ومن ثم فمن خصائص اللغة وجودها فى مجتمع

وظائف الكلام:

إن وظيفة الكلام هى الإفصاح عما يريد المتكلم سواء لنفسه أو لغيره وينقسم الإفصاح لقسمين :

1-الحوار الداخلى وهو ما يدور فى نفس الإنسان من أفكار وشهوات وحاجات وخرافات ونظريات أو غيرها .

2-الحوار الخارجى وهو ما يسمى الإتصال وهو تعبير عن الأفكار والشهوات والحاجات والخرافات والنظريات أو غير هذا بحيث يصل للأخرين ماذا يريد المتكلم منهم .

الإزدواج الكلامى :

فى كل عصر عدا عصر أدم (ص)نجد نمطين من الحديث يسمون الأول منهما الفصيح والثانى العامى وكلاهما عندى فصيح ومميزات الفصيح هو القوة الإخراجية للصوت ووضوح كل صوت فى الكلمة وأما العامى فيمتاز بالسرعة الزمنية واختصار الأصوات وثنائية النمط أسبابها هى :

- مرادات المهنيين فكل أصحاب مهنة يكونون معانى خاصة بمهنتهم وبهذا تصبح لبعض الألفاظ معانى خاصة لطائفة معينة .

- هوى النفس الضال حيث يغير المعانى الحقة لمعانى زائفة مثل تأنيث كلمة إله وجمعها جمع تأنيث .

- الوحى الإلهى حيث يأتى لتصحيح المعانى التى غيرها الهوى الضال

الكلام العامى :

يسمى القوم اللهجات فى اللغة الواحدة الكلام العامى نسبة لتكلم العامة وهى لفظة غير دقيقة المعنى ولو تتبع الإنسان ألفاظ الكلام العامى لوجد لكل لفظ منها معنى أصيل فيما يسمونه الفصحى ومن الأدلة على هذا فى اللغة العربية :

-نقول فى كلامنا العامى أخذت اللحم ملجزار أى أخذت اللحم من الجزار بحذف النون من الحرف من كما نقول اشترينا الفاكهة ملفكهانى أى من الفكهانى وهذه الظاهرة وردت فى الفصحى كقول النابغة الجعدى :

ولقد شهدت عكاظ قبل محلها فيها وكنت أعد ملفتيان

فالمراد من الفتيان .

-فى كلامنا العامى نحذف من الحرف على اللام والياء فنقول مثلا مشينا عالأرض أى مشينا على الأرض ونقول السيارة عالطريق أى على الطريق ولهذه الظاهرة أصول منها قول قطرى بن الفجاءة :

غداة طفت علماء بكر بن وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم

والمراد على ماء .

-نقول فى كلامنا العامى شال أى حمل وفى الفصحى رفع ولهذا صلة فكل رفع حمل وكل حمل رفع والكل صحاح إلا أن شهرة شال عن رفع جعلتها فى نظرهم عامية .

إن الكلام العامى يوجد فى كل لغات العالم وتنحصر خصائصه فى التالى:

1-التبديل فى حروف الكلمات مثل دهر فأصلها ظهر وندر أصلها نذر وهى فى ذلك تتبع قاعدة أصيلة هى تبديل الأصوات للقرابة بينها مثل كلمة الصراط فى القرآن فإنها تنطق حاليا الصراط والسراط والزراط .

2-قد يكون لها حروف تضاف للأفعال والأسماء مثل الشين فى كلمات ما أعرفش أى ما أعرف شىء وماأنش أى لست أنا وقد تضاف للحروف مثل ما فيش أى ما فيه شىء وهذا يقع كثيرا فى اللهجات .

3-استخدام بعض الحروف الخاصة مثل شو التى تعنى أحيانا ما هو فى لهجة الشام وبس التى تعنى لكن فى لهجة مصر .

4-استخدام بعض كلمات من لغات أخرى سواء قديمة مثل شأشأ وشوطة وصهد فى لهجة مصر .

تقسيمات أخرى للكلام :

تنقسم اللغة للتالى :

ألفاظ وهى تتكون من مجموعات صوتية كل مجموعة تسمى كلمة وتدل على معنى .

القواعد وهى الأسس التى تسير عليها الكلمات فى النطق الصوتى .

التعبير وهو الألفاظ مرتبة حسبما يريد المتكلم لكى يفهم المستمع .

كما تنقسم لنثر وشعر وأدب حق وباطل أى قلة أدب .

حقائق كلامية :

هذه مجموعة من الحقائق الكلامية :

-الألفاظ لا تتميز عن بعضها وهى مفردة ومن ثم لا يمكن وصف أى كلمة بأنها قبيحة لأن الله لم يخلق شىء قبيح مصداق لقوله بسورة السجدة "الذى أحسن كل شىء خلقه".

-الألفاظ لا تتميز عن بعضها وهى فى جمل والسبب هو أن اللفظ يؤدى المعنى الذى يريده المتكلم وهذا هو الهدف الوحيد له ومن ثم إذا أصاب اللفظ الهدف وأصاب أخاه الهدف فهم فى حالة تساوى مثل قولنا مشينا وقولنا سرنا على الطريق الخالى فالقولان أصابا الهدف ومن ثم فهما فى حالة تساوى .

-اللفظ الواحد لا يكون استعماله حسنا فى جملة قبيحا فى جملة أخرى ما دام قد أدى الهدف الذى أراده المتكلم منه والسبب هو أن اللفظ مخلوق حسن سواء استعمل فى حديث صادق أو كاذب .

-أن كلام أى مخلوق فى الكون مكون من ذكر وأنثى مصداق لقوله بسورة الذاريات "ومن كل شىء خلقنا زوجين ".

-أن المعانى تتغير تبعا لعدة أمور مثل صيغة الحديث فصيغة الإستفهام مثلا تختلف عن صيغة التعجب وحتى الصيغة الواحدة فيها اختلافات عديدة فمثلا فى صيغة الإستفهام نجد كلمة أين تطلب غير ما تطلبه ما 000 ،ومثل دخول الحروف على الجمل فمثلا جملة ما تحدثت هذا القول تختلف فى المعنى عن جملة ما تحدثت كهذا القول فالأول ينفى تحدث الإنسان بقول معين وتثبت تحدثه بقول أخر والثانية تعنى تحدث الإنسان بقول لم يقله من قبل أو تعنى تحدث الإنسان بقول كالقول الذى قيل له أنه قاله ومثلا وزن الكلمة يغير المعنى أحيانا .

-أن الكلام منه المباشر الذى يصل فيه المتكلم لغرضه بدلالة اللفظ وحده ومنه غير المباشر الذى يتكلف فيه المتكلم استعمال أساليب تبعد اللفظ عن دلالته اللغوية المعروفة مثل الكناية .

-أن أى كلام فى العالم لا يستوعب كل الأصوات وهى الحروف الصادرة عن جهاز النطق فى الإنسان والدليل اختلاف أصوات كل لغة عن الأخرى كثيرا .

-أن الطفل وهو رضيع يملك كل أصوات أى حروف لغات العالم فكل الأصوات موجودة عنده وتصدر منه ويقال أن علماء اللغة أحصوا أكثر من 200 صوت ينطق بها والله أعلم بصحة هذا من بطلانه .

-أن تغير صوت من كلمة يغير معناها وهذه حقيقة لها شواذ ففى العربية مثلا كلمات خنع وكنع وخضع وخشع لها نفس المعنى ولها نفس الشذوذ.

-لكل لغة مجموعة أصوات محددة وقد تشترك أكثر من لغة فى بعض الأصوات .

-أن طول الصوت أو قصره فى النطق يغير المعنى فمثلا جملة يا سلام تعنى أحد الأمور التالية :

المناداة على شخص اسمه سلام ،التعجب من أمر ،غناء يغنيه إنسان،فالأول أصواته تكاد تكون متساوية فى النطق والثانى أصواته غير متساوية فى النطق خاصة الألف فى يا والسين فى سلام والثالث أصواته غير متساوية لأن المغنى يطول أيها شاء .

-أن ما نعتبره صوت واحد كالباء فى العربية ليس إلا مجموعة أصوات تتشابه فى جزء منها وتختلف فى جزء فهناك باء مفتوحة وباء مرفوعة وباء مكسورة وباء مجزومة .

-أن الإطناب والإختصار فى الحديث كلاهما حسن ما دامت الألفاظ فى كل منهما قد أدت مراد المطنب والمختصر .

الإنسجام الصوتى :

هو كون تركيب الكلمة سهل النطق وبألفاظ أخرى مخارج نطقها متباعدة عن بعضها وهو ينقسم للتالى :

1-انسجام صوتى إلهى وفيه كلمات تبدو ثقيلة النطق عند الناس مثل مستشزر أى مرتفع وسبب ثقلها عندهم هو حبهم للكلام السريع والإنسجام الإلهى له فى كل لغة قواعد منها فى اللغة العربية التخلص من السكون فى أول الكلام فمثلا كلمة مرء أى إنسان تنطق مرء ولكن عند تسكين الميم نقول امرؤ باستجلاب همزة وصل لنتمكن من نطق الميم الساكنة ومنها التخلص من إلتقاء الساكنين ومنها قلب تاء افتعل دالا فى حالة إذا كانت الفاء زايا أو دالا أو ذالا مثل زجر وذكر فهما فى صيغة افتعل ازدجر وازدكر وأصلهما ازتجر و ازتكر ولصعوبة النطق تم قلب التاء دالا حتى يسهل النطق ومنها قلب تاء افتعل طاء إذا كانت الفاء صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء مثل ظلم وصبر فإنهما اظطلم واصطبر وأصلهم اظتلم واصتبر ولكن من أجل صعوبة النطق تم القلب .

2-انسجام صوتى إنسانى وهو ما يؤلفه الإنسان من كلمات سهلة النطق معا من كلمات الله المخلوقة حتى وإن كان باطلا مثل قول القائل :

أعطنى الناى وغنى فالغنا سر الوجود

وأنين الناى يبقى بعد أن يفنى الوجود

ومثل قول القائل الباطل :

و اهدئى يا جراح واهدئى ياشجون

راح عهد النواح وزمان الجنون

وأطل الصباح من وراء القرون

الترادف اللغوى :

قال البعض يوجد ترادف وقال أخرون لا يوجد ترادف والحق هو وجود ترادف لما يلى من الأسباب :

وجود أسماء كثيرة للشىء الواحد فالإسلام مثلا هو الصراط المستقيم لقوله بسورة الفاتحة "اهدنا الصراط المستقيم "وهو هدى الله لقوله بسورة آل عمران "قل إن الهدى هدى الله "ومثلا محمد(ص)اسمه أحمد فى قوله بسورة الصف "ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد ".

وجود الضمائر فى اللغة فالضمائر تعرفنا فى كثير من الأحيان أن هذا الشىء هو المسمى كذلك فمثلا الظلمة هم الكفرة فالله عرفنا الكفرة بالضمير هم فقال بسورة البقرة "والكافرون هم الظالمون"

أن الله قال بسورة الزمر "الله الذى نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى "ومن ثم فالقرآن فيه ألفاظ مختلفة النطق ولكنها متشابهة المعنى ولذا فأحسن تفسير للقرآن هو تفسيره بالقرآن .

وجود الكلمات التى تعنى كلمة تعنى مثل أى فهذه الكلمات هى التى تعرف الشىء .

أن الألفاظ لو لم يكن فيها ترادف لكان الحكم فى الإسلام لا يمكن تفسيره بألفاظ أخرى لأنها ستغير الحكم ولم يقل أحد أنه لا يمكن تفسير أى حكم فى الإسلام بألفاظ أخرى لها نفس المعانى بدليل أن الحديث وهو الذكر المنزل على النبى (ص)فسر أحكام القرآن المجملة وفيه قال تعالى بسورة النحل "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم".

نظريات لغوية :

تقول إحدى النظريات :

الكلمات عبارة عن تقليد لأصوات الطبيعة واستدل أصحابها بكلمات مثل خرير وقرقرة وحفيف وفحيح وهى نظرية خاطئة للتالى :

أن معظم الكلمات لا ينطبق عليها هذا القول وخذ مثلا كلمة الله واسأل نفسك هل هى تقليد لصوت من أصوات الطبيعة ؟وستجد الجواب لا .

أن النظرية تعنى أن الإنسان تعلم اللغة من خلال تقليده لأصوات الطبيعة وهو ما يخالف قوله تعالى بسورة الرحمن "خلق الإنسان علمه البيان "

وتقول نظرية أخرى :

أن كل صوت من أصوات اللغة خاص بمعنى عام معين فمثلا السين تعنى السهولة واليسر والعين تعنى الظهور والوضوح وهى خطأ للتالى :

أن الصوت كما يدل على الشىء يدل على ضده فمثلا السين نجد فيها سيولة وسهولة وهى كلمات تدل على الراحة ونجد فيها سجن وسعير وهى كلمات تدل على التعب ومثلا الغين نجد فيها غاب وغام وغاص وغاض وهى كلمات تدل على الإختفاء ونجد فيها غريب وغسيل وغنم وهى كلمات تدل على الظهور .

وتقول نظرية ثالثة :اللغة العربية لها جذور فردية أى جذور مكونة من صوت واحد فقط وهو قول خاطىء للتالى :

عدم ورود شىء من الجذور الفردية فى القرآن .

أن كل صوت ليس له معنى عام ولا خاص حتى يكون الصوت كلمة .

أن الكلمات التى استدل بها أصحاب النظرية ليست كلمات أحادية الجذر فمثلا كلمة هذا ليست فى الأصل ذ َ دون وجود الهاء والألف والدليل أن اسم الإشارة عندما يكون دال على أنثى يكون هذه ولا يمكن حذف الهاء الأخيرة والسبب أنها هى التى تدل على الفرق بين الذكر والأنثى ومن ثم فالكلمة ليست أحادية .

جذور الكلمات:

إن أى لغة فى العالم لها جذور متعددة ويقصد بالجذر الأصوات الأصلية فى الكلمة بعد تجريدها من الأصوات الداخلة عليها وجذور اللغات تبدأ بالثنائى وتزداد بعده وأما نهايته فالله أعلم بها وإن كنت أظن والظن لا يغنى من الحق شيئا –إن علم هذا الحق – أنها تنتهى بالجذر السباعى وجذور العربية أكثرها ثلاثى وبعده الثنائى ثم يأتى بعدهما الرباعى والخماسى والجذر فى اللغات الإشتقاقية كالعربية يشتق منه بقية الكلمات التى تدل على المعنى كما تدل على زيادة أخرى فى المعنى فمثلا الجذر فتح يشتق منه كلمات كثيرة مثل يفتح وفاتح ومفتاح ومفتح وفتاحة وفتوح وفتوحات .

فى أصوات اللغة :

قال بعضهم :إن أصوات كل لغة تتغير من عصر لأخر ويزعمون أن العوامل المؤدية لهذا التطور فى مخارج الأصوات والتطور الطبيعى المطرد لأعضاء النطق والعامل الأول وهو تطور مخارج الأصوات يحتاج لإثبات مستحيل هو إحضار الناس الذين سبقونا فى الحياة وأن يتكلم كل واحد منهم أمامنا حتى نتعرف على مخارج الأصوات عندهم ثم نقيس مخارجنا عليهم والعامل الثانى يحتاج أيضا لإثبات مستحيل وهو إحضار جماجم الموتى لنقيس عظامنا لنعرف التطور وما هو بتطور لسبب بسيط هو أن جماجم الناس فى كل عصر تختلف فى القياس فى العصر الواحد من إنسان إلى أخر حسب حجمه ووزنه ويضاف لهذا العامل الثالث وهو التطور الناتج عن التبدلات الصوتية فى اللهجات العربية وهو قول كاذب لأن اللهجات كما هى لم تتغير ويجب أن نعرف أن تحول بعض الأصوات فى بعض الكلمات إلى أصوات أخرى مثل حرف الثاء فى كلمات مثل ثلج وثلاثة وثور الذى تحول لحرف التاء فأصبحت تلج وتلاتة وتور وإنما هو بالضبط كنطق كلمة الصراط بالسين السراط وبالزاى الزراط وهو ليس تطور وإنما هو يتبع قاعدة تبدل الأصوات للقرابة بينها .

من تاريخ المتكلمين باللغة العربية :

من الحقائق المسلمة بها عندنا كمسلمين أن التاريخ الإنسانى يبدأ بأدم (ص)ومن ثم فأول الناس تحدثا باللغة هو أدم (ص)لأن الله علمها له فيما علمه فى قوله بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها "وقد كان نوح(ص)وقومه يتحدثون بالعربية بدليل أنهم كانوا يعيشون فى الجزيرة العربية وبدليل أن اسمه نوح(ص)عربى وبدليل أن جبل الجودى عربى وهو جبل الطور الذى استقرت عليه السفينة وفيه قال تعالى بسورة هود"واستوت على الجودى "والدليل وصفه بأنه مبارك بقوله بسورة المؤمنون "وقل رب أنزلنى منزلا مباركا "وبدليل أن معبودات قوم نوح كانت عربية الأسماء مثل ود وسواع ويغوث وفيهم قال تعالى بسورة نوح"وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا "وقد كان هود(ص)وقومه يتحدثون العربية بدليل أن اسمه عربى وبلد قومه توجد فى بلاد العرب وبدليل أنهم خلفوا قوم نوحا(ص)الذين كانوا عربا ومن ثم فهم مثلهم يتحدثون العربية وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح"وقد كان صالح (ص)وقومه يتحدثون العربية بدليل اسمه العربى وبدليل بلدهم الذى يوجد فى بلاد العرب وبدليل أنهم خلفوا قوم هود (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد"زد على هذا أن المؤرخين سموا قومه وقوم هود (ص)العرب البائدة وقد كان إبراهيم (ص)يتحدث العربية بدليل أنه تحدث مع ابنه اسماعيل (ص)بها بعد أن شب فى مكة وليس معقولا أن يتحدثا دون لغة مشتركة ،زد على هذا أن إبراهيم (ص)عاش فى مكة مدة طويلة حيث بنى الكعبة وعلم الناس منسك الحج ومكة ومن حولها عرب ومن ثم كان لابد أن يتحدث معهم بنفس اللغة ،زد أن لوط (ص)هو الوحيد الذى أمن به من قومه قد أرسل لقوم عرب وليس معقولا أن يرسل لقوم لا يتحدث لسانهم وهو لغتهم لأن الله قال بسورة إبراهيم "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه "فكل رسول مرسل بلغة قومه ،زد على هذا أن أسماء إبراهيم (ص)وأزر ولوط(ص)عربية وقوم لوط (ص)كانوا عربا قريبين من مكة بدليل أنهم كانوا يمرون على مساكنهم ليلا ونهارا مصداق لقوله بسورة الصافات "وإنكم لتمرون عليها مصبحين وبالليل "وقد وصفها بأنها قريبة من بلد الكفار فقال بسورة هود"وما هى من الظالمين ببعيد "وكان شعيب (ص)وقومه عربا بدليل اسمه وبدليل وجود مدين فى جزيرة العرب وكذلك إسماعيل (ص)عاش فى الجزيرة العربية وكان سليمان (ص)عربيا فى لسانه بدليل أنه خاطب ملكة سبأ وهى فى الجزيرة داعيا إياها للإسلام فقال بسورة النمل "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو على وأتونى مسلمين "وكان موسى (ص)عربيا فقد عاش بمدين وهى عربية اللسان وخاطب الفتاتين وأبوهما بمجرد وصوله وهذا دليل على تحدثه العربية وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ولما توجه تلقاء مدين "ومعظم الرسل المذكورين فى القرآن إن لم يكن كلهم تحدثوا العربية ومما ينبغى ذكره أن نقول أن يعرب بن قحطان ليس أول من تكلم وكذا إسماعيل (ص)أو غيرهم لأنها موجودة منذ أدم (ص)وهى لا تنقسم للغة مضر وعدنان بدليل أن سليمان (ص)خاطب ملكة سبأ باللغة التى نعرفها الآن .

ومما ينبغى قوله أن بنى إسرائيل كانوا عربا ولكنهم بعد عروبتهم حاولوا التقوقع والتميز عن غيرهم من العرب فخلقوا لأنفسهم ألفاظا ليست عربية وكتابة ليست عربية ومع هذا ما تزال أكثر من نصف ألفاظهم عربية .

نواميس الكون من الكلام :

تدل كل أفعال أى لغة فى العالم على معنيين :

- الدخول . – الخروج فكل فعل يدل على أن هناك دخول فى شىء يسبقه خروج من شىء أو خروج من شىء يتبعه دخول فى شىء وهذا القانون العام للأفعال فى اللغات يدلنا على القانون العام للكون وهو أن الخروج والدخول أساس الأحداث ويدل على هذا كثير من أقوال القرآن مثل قوله تعالى بسورة الأنعام "يخرج الحى من الميت ومخرج الميت من الحى "وقوله بسورة فاطر "يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل "ومن أمثلة الأفعال للتدليل على هذه الحقيقة الفعل ضرب فهو يعنى خروج قوة من كائن ما والفعل ذهب يعنى خروج كائن ما من مكان لمكان أخر والفعل حزن يعنى دخول شىء سيىء فى نفس الكائن والفعل حفظ يعنى دخول شىء فى مكان ما .

تغير معانى الألفاظ :

إن معانى الألفاظ تتغير حسب القواعد التالية :

-من الصواب للخطأ بمعنى وجود معانى صائبة للفظ ومعانى خاطئة للفظ نفسه ومثال هذا كلمة إله فهى تعنى الله فى المعنى الصحيح ولكن الناس حولوها للخطأ فأصبح يعنى عند النصارى مثلا المسيح (ص)وعند الهندوس القرد والبقرة وغيرهم من المخلوقات .

-من الصواب للصواب بمعنى تعدد المعانى الصائبة للفظ مثل لفظ مؤتمر فهو يعنى تجمع عدد من الناس وغيرهم كما يعنى اجتماع عدد من الناس للتشاور فى أمر ما يسمى الندوة كما يعنى منظمة من المنظمات المهتمة بالمجتمع .

-من الخطأ للخطأ بمعنى تعدد المعانى الخاطئة للفظ مثل إلهة فهو يعنى أن أنثى شىء ما أصبحت إلهة مع الله ويضاف لها إطلاقها على بعض النساء فيقولون إلهة الجمال على المرأة الجميلة وإلهة الجنس على المرأة المهتاجة التى تحتاج إشباع شهوتها وهذه كلها إطلاقات للمعنى خاطئة .

والحمد لله أولا وأخرا

ليست هناك تعليقات: