الاثنين، 17 أغسطس 2009

أحكام المناطق القطبية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد : هذا كتاب أحكام المناطق القطبية . حرمة الإقامة فى المناطق القطبية : قال تعالى بسورة النبأ "وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا "وقال بسورة الفرقان "وهو الذى جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا "وقال بسورة الإسراء "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب "وقال بسورة الأنعام "وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه "المستفاد من هذه الآيات والآيات المماثلة لها فى القرآن هو : -أن الليل هو وقت نوم الإنسان غالبا .-أن النهار هو وقت عمل الإنسان أى الوقت الذى يعيش فيه الإنسان وهذا يعنى أن الإنسان مكان حياته هو المكان الذى يوجد فيه الليل والنهار ومن ثم فأى مكان لا يوجد به كل من الليل والنهار ليس مكانا لحياة الإنسان ومن ثم فإن المناطق التى لا يظهر فيها الليل والنهار فى الأرض ليست أماكن صالحة لحياة الإنسان والملاحظ فى تلك المناطق أنها لا تصلح للإقامة لأنها متجمدة طوال العام غالبا فهى مغطاة بالجليد دوما حسب أقوال من يسمون علماء الجغرافيا - مما يعنى عدم وجود أرض تصلح للزراعة مما يعنى عدم وجود طعام وعدم وجود ماء صالح للشرب وعدم وجود مراعى للأنعام والطيور الداجنة ،إذا فهذه الأماكن بكل المقاييس لا تصلح لحياة الناس بها ومن ثم فالذين يعيشون فيها من الناس يعتبرون رحل وليسوا مقيمين والملاحظ أن أعدادهم قليلة بدرجة كبيرة ،إذا لا يحق لمسلم أن يقيم فى هذه المناطق وإنما يحق لها السفر لها إما لدراستها وإما للدفاع عنها إذا كانت فى حوزة المسلمين . الله مقدر الليل والنهار : إن الله هو الذى يقدر أى يحدد الليل والنهار والمراد الذى يحدد مقدار وقت الليل ومقدار وقت النهار حسبما وضع لهما من القوانين وفى هذا قال تعالى بسورة المزمل "والله يقدر الليل والنهار "وقد أخبرنا الله بالتالى : أن الله قادر على أن يجعل النهار دائم مستمر حتى يوم القيامة فتكون الحياة بلا ليل وهو قادر على الإتيان بالليل من أجل السكون فيه وما دام لا يوجد ليل فى مكان ما فمعنى هذا هو عدم صلاحية المكان للإقامة فيه لأن الإنسان لن يسكن أى ينام أبدا وهذا مخالف للفطرة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ". أن الله قادر على أن يجعل الليل مستمر حتى يوم القيامة فلا يكون هناك نهار وهو قادر على الإتيان بالنهار أى بالضياء من أجل حياة الإنسان وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "قل أرأيتم إن جعل الله عليكم سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون "وقد جعل الله وجود الليل للسكن فيه والنهار للابتغاء فيه من فضله من الرحمة الإلهية وهذا يعنى أن عدم وجود الليل والنهار فى مكان ما إنما هو عقاب من الله لمن سكن فى هذا المكان وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله "إذا فمن المحرم على المسلمين الإقامة فى المكان الذى لا يوجد به ليل ونهار يتعاقبان وبناء على هذا نقول إن أرض المسلمين التى يقيمون فيها يجب أن تكون ضمن المنطقة التى يوجد فيها ليل ونهار . المناطق حيث لا تعاقب لليل والنهار : يقرر المشتغلون بعلم الفلك ما يلى : أن البلاد الواقعة شمال أو جنوب دائرة عرض 67 سواء شمالا أو جنوبا لا يوجد فيها ما يسمى تعاقب الليل والنهار يوميا وإنما الموجود هو ما يسمونه ليل مدته ستة أشهر وما يسمونه نهار ومدته ستة أشهر والبلاد التى فيما يسمى الشمال هى شمال كندا وألاسكا وجزيرة جرينلند وجزيرة أيسلندا وشمال السويد والنرويج وفنلندا وشمال روسيا وسيبريا وأما البلاد فيما يسمى الجنوب فهى القارة التى تسمى القارة القطبية الجنوبية وهذه المناطق لا يسكن فيها سوى أفراد قلائل لا يزيدون على عشرة مليون إنسان ويقلون عن هذا الرقم وكما قلنا سابقا أن الله لم يخلق هذه المناطق لإقامة الإنسان للتالى - عدم وجود الليل والنهار فيها والذى يعنى أن الأحكام الإلهية مثل الحج وعدة المطلقة غير الحائض وعدة الأرملة والأشهر الحرم لا يمكن تطبيقها فيها لأن اليوم حسبما يقول العاملون بالفلك هو سنة فلو طبقنا حكم الحاج الذى لا يجد أضحية ويريد صيام سبعة أيام فمعنى ذلك أنه سيصوم نهار طوله ستة أشهر ومن ثم سيصوم 5و3 سنة ومن هنا نفهم أن وجود الليل والنهار رحمة وانعدامها عقاب مصداق لقوله بسورة القصص "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ". - عدم وجود مقومات الحياة المتمثلة فى الزراعة ووجود الأنعام والحيوانات الداجنة . - إن الحياة فى تلك الأرض يستلزم وجود استعدادات هائلة لا يمكن أن يقوم الإنسان بها أبدا . المنطقة بين دائرتى عرض 50و 60 : يقرر المشتغلون بعلم الفلك أن البلاد الواقعة بين دائرتى عرض 50و60 شمالا وجنوبا تشرق فيها الشمس وتغرب بانتظام طوال العام إلا فى الشهور الصيفية ويقولون أن الشهور الصيفية لا يظهر ظلام الليل فيها وإنما الظاهر هو شفق الغروب أى غروب الشمس وشفق الشروق أى شروق الشمس وهما متصلان وهذا يعنى فى رأيهم عدم وجود محددات لكل من صلاتى العشاء والفجر وتفصيل حكاية الشفق حسب أقوالهم هو : -من 1 مايو :15 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى عرض 60:58 .-من 15مايو :31 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:54 . -شهرا يونيو ويوليو لا يغيب فيهما الشفق ابتداء من دائرتى 60:50 . -من1 أغسطس :15 منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:54 . - من 15 أغسطس :31منه لا يغيب الشفق ابتداء من دائرتى 60:56 . وحتى نعطى حكم الله فى الموضوع نقول أن الله أقسم بالشفق فقال بسورة الإنشقاق "فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق "وهى المرة الواحدة التى ذكر بها فى القرآن وهى تعنى الضوء ويحددونه بالأحمر ونظرا لعدم وجودى فى تلك المناطق وعدم مشاهدتى لتلك الظاهرة سأسأل الأسئلة التالية : هل يختفى قرص الشمس من السماء عند غروب الشمس ؟والجواب عندى يختفى قرص الشمس من السماء عند الغروب ومن ثم يكون ذلك الوقت هو وقت العشاء فهو أى لحظة من لحظات وجود النور الذى يسمونه الشفق خطأ بعد الغروب وأما صلاة الفجر فموعد صلاة الفجر هو بعد اختفاء أخر نجم من السماء بثلاث ساعات و ما يتصل بأمر الصيام فهو الصيام يبدأ من بداية ظهور قرص الشمس لغروب قرص الشمس وليس كما هو شائع شيوعا خاطئا من قبل طلوع الشمس بساعة أو اثنين أو أكثر والدليل قوله تعالى بسورة البقرة "وكلوا واشربوا حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر "وأما الدليل على أن النهار يبدأ عقب اختفاء أخر نجم من السماء الذى يعقبه ظهور قرص الشمس فهو قوله تعالى بسورة القدر "سلام هى مطلع الفجر "فمطلع الفجر هو مطلع النهار ،إذا فبداية الشمس الظاهرة فى تلك المنطقة يقدر الوقت قبلها بربع أو نصف ساعة فى حالة عدم وجود نجوم فى الليل وذلك كما هو شائع فى المنطقة المعتدلة وأما فى حالة وجود النجوم فالصيام يبدأ عقب اختفاء أخر نجم من السماء وطبعا ينتهى وقت الصيام عند ظهور أول نجم فى السماء. محددات أوقات الصلاة : إن الذى يحدد وقت الصلوات فى أى منطقة يظهر فيها الليل والنهار هو الشمس والنجوم وكل صلاة لها علامة محددة وهى : -الفجر عقب اختفاء أخر نجم من السماء بحوالى ثلاث ساعات . -العشاء بعد وجود أول نجم فى السماء بفترة . وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وعلامات وبالنجم هم يهتدون "ومما لا شك فيه أن هذه العلامات واضحة لكل الناس فى البلاد التى يتعاقب فيها الليل والنهار وبهذه العلامات يمكننا تحديد بداية النهار ونهايته وتحديد نهاية الليل وبدايته وتحديد أوائل أوقات الصلاة . طول النهار لا يوجب الإفطار : من ضمن ما يقرره العاملون بعلم الفلك أن النهار يتزايد مقداره الزمنى كلما ابتعد عن خط الاستواء فى الصيف ومن هذا : -يبلغ طول النهار عند دائرتى عرض 50 16ساعة و18 دقيقة. -يبلغ طول النهار عند دائرتى 55 17ساعة و17 دقيقة . -يبلغ طول النهار عند دائرتى 60 18ساعة و45 دقيقة . - يبلغ طول النهار عند دائرتى 65 21 ساعة و43 دقيقة والسؤال الآن هل يجب الصيام فى رمضان عندما يبلغ طول النهار 19أو20 أو 22 ساعة ؟ الجواب :يتوقف وجوب الصيام على مقدرة الإنسان على الصيام هذه الساعات الطويلة فإذا كان الإنسان قادر على الصيام دون أن يحدث له ضرر فقد وجب الصيام وأما إذا لم يقدر فقد وجب عليه الإفطار وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "ونقول أن القانون الذى يعمل الجسم الإنسانى على أساسه يقول أن معدل ساعات النوم فى اليوم غالبا وليس دائما هو 8 ساعات فإذا كان الإنسان ينام فى وقت النهار فى تلك المناطق وهذا هو الواجب لأن الليل الذى طوله ساعة أو ساعتين أو ثلاثة سيظل المسلم فيه متيقظا لعمل الإفطار والصلاة وقراءة القرآن والسحور وهذه أعمال تستغرق الليل كله ومن ثم يكون مقدار ساعات الصوم هو 14 أو 13 أو 12ساعة وهذه مدة ليست صعبة الصيام ،إذا فالصيام واجب ما دام الإنسان قادرا عليه تطبيقا لقوله تعالى بسورة البقرة "فمن شهد منكم الشهر فليصمه "وحتى إذا فرضنا أن المسلم سينام فى الليل ساعتين أو ثلاثة فإن مقدار ساعات الصوم لن يزيد عن 16ساعة أو 17 ساعة على الأكثر وهذه المدة موجودة فى بعض المناطق المعتدلة فى تعاقب الليل والنهار . الصلاة فى القطبين : الحياة فى القطبين محرمة على المسلمين وأما المسلمين التى تضطرهم الظروف للسفر للقطبين وهم : -أهل الجهاد إذا كانت هذه الأرض فى حوزة المسلمين ومن ثم يجب الدفاع عنها ضد من يريد مهاجمة المسلمين من عن طريقها . -الدارسون للبيئة وهم الذين يعتنون بدراسة المخلوقات الموجودة فى تلك المنطقة فالواجب عليهم عند إرادتهم الصلاة هو أن يعتبروا المنطقة تابعة لمركز الأرض وهو مكة ومن ثم فمواقيت صلاة القطبين هى مواقيت مكة نفسها والسبب هو كون مكة أم البلاد وفى هذا قال تعالى بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها "وما دامت تلك المنطقة ابنة للأم فالواجب هو أن تقلد البنت أمها وكما أن مكة نتجه لها فى الصلاة فالواجب الاتجاه فى الوقت عند انعدام علاماته لها أيضا لأن الصلاة واجبة فى كل مكان مصداق لقوله بسورة البقرة "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "فهنا تولية الوجه للمسجد الحرام واجبة عند الصلاة فى أى مكان ولم يذكر الله هنا تحديد للمكان مما يعنى أن أى مكان تجب الصلاة فيه بالاتجاه للقبلة وقد أخطأ من حرم الصلاة فى المناطق القطبية لعدم ظهور علامات الليل والنهار. مما ينبغى ذكره : -أننى جاريت المشتغلين بما يسمى علم الفلك فى اصطلاحاتهم رغم عدم اعترافى بها مثل دوائر العرض وتقسيماتها والتقويم الميلادى . -أن من أسباب نشأة المشكلة هى خلط المشتغلين بما يسمى علم الفلك وخلطهم هو عدم معرفتهم بما هو الليل وما هو النهار فى المناطق التى يظهر فيها الشفق المتصل وهذا الخلط إنما هو جهل منهم بنصوص الوحى الإلهى. الصوم فى القطبين : يصوم المسلم إذا أقام فى القطبين للجهاد أو للدارسة لأنهم ليسوا مسافرين والمسافر يجب عليه الفطر مصداق لقوله بسورة البقرة "ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "ويصوم المسلم على توقيت مكة لعدم وجود ليل أو نهار متعاقبين فى القطبين باعتبار مكة أم أى وسط أى أصل البلاد. الصلاة غير اليومية فى القطبين : الصلاة غير اليومية واجبة على المسلمين المقيمين فى القطبين للجهاد أو للدراسة مثل صلاة الجمعة فصلاة الجمعة تكون على توقيت مكة مصداق لقوله تعالى بسورة الجمعة "يا أيها الذين أمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " وكذلك كل صلاة لها وقت ثابت تكون على توقيت مكة . المصرون على الإقامة فى القطبين : إن المسلم الذى يصر على الإقامة فى المناطق القطبية ينظر لنيته فإذا كانت نيته البقاء للدفاع عن حوزة المسلمين فهم مأجورون على نيتهم وإن ارتكبوا خطأ أى ذنب هو مخالفة أمر الله بعدم الإقامة فى هذه المنطقة لعدم وجود رحمته الممثلة فى التعاقب بين الليل والنهار وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "ومن رحمته أن جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله "وإذا كانت نيته نشر الإسلام بين سكان المنطقة الكفار فهم مأجورون وأما إذا أرادوا الحياة ككفار المنطقة فقد كفروا لأنهم خالفوا أمر الله ونبيه (ص)بعدم الإقامة وليس لمسلم خيرة بعد حكم الله ونبيه (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب"ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "إذا فهؤلاء مرتدون يجب استتابتهم وقتلهم إن لم يرجعوا عن مخالفة الفطرة .والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات: