الأحد، 16 أغسطس 2009

بين الفتى والمعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :هذا كتاب بين الفتى والمعلم وهو يدور حول مناقشة الأمور التى اختلف فيها الناس من أجل وضع الحق فى نصابه الصحيح .

الحيرة :

وجد المعلم تلميذه جالسا فى المكتبة وقد ظهرت على وجهه علامات الحيرة سأله المعلم فى حنو بالغ :ماذا بك يا بنى ؟أجاب الفتى :أنا تائه حائر لم أعد أدرى أين الحق ؟

سأله المعلم :وما السبب أيها الفتى ؟أجاب الفتى :لقد حيرنى اختلاف ما يسمونه الفرق الإسلامية فقد قرأت عدة كتب عنها فضعت بين الآراء التى كثرت فى مسألة لا تتحمل سوى رأى واحد ،ابتسم المعلم وقال :وبعد كل ما قرأت لابد أن تكون قد رسخت فى عقلك حقيقة واحدة ،قال الفتى :صدقت أيها المعلم وهذه الحقيقة أن إسلام كل الفرق ليس هو الإسلام الحقيقى وإنما هو كفر خالطه إسلام بنسب متفاوتة بين القلة والكثرة ،انفرجت أسارير المعلم وقال :ما دمت قد أمنت بهذه الحقيقة فقد بدأت الطريق الصحيح إلى الإسلام ،قال الفتى أود أن أستزيد من العلم بالإسلام ولذا فأنا محتاج إلى أن أتناقش معك فى كل الموضوعات التى اختلف الفرق فيها ،ضحك المعلم وقال :على رسلك يا فتى وتمهل فإننا يجب أن نجعل الموضوعات مقسمة على الأيام فنناقش كل يوم أحد الموضوعات .

الفرق :

قال الفتى اخترت ليومنا هذا موضوع الفرق فماذا عندك من الحق فيه يا معلمى ؟

أجاب المعلم :لا يوجد فى دين الله شىء اسمه الفرق الإسلامية .

تساءل الفتى قائلا :وما الأدلة على ذلك ؟

قال المعلم :يوجد فريق واحد عند الله هو الذى يسمى عند الله الفريق المسلم أى الفريق الناجى وفيه قال تعالى بسورة الأنبياء "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فإعبدون " وفى سورة المؤمنون "فاتقون "فهذه الآيات تخبرنا بأن المسلمين أمة واحدة أى فريق واحد ولو كان هناك فرق إسلامية ما نهانا الله عن الفرقة فقال بسورة آل عمران "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "كما قال ناهيا أيضا بسورة الروم "ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ".

تساءل الفتى :وماذا عن القول القائل "افترقت اليهود على 71 فرقة وافترقت النصارى على 72 فرقة وتفترق أمتى على 73 فرقة "الترمذى وابن ماجة ومسلم.

قال المعلم :وقد جاء القول القائل "إن بنى إسرائيل افترقت على 71 فرقة وإن أمتى ستفترق على 72 فرقة كلها فى النار إلا واحدة وهى الجماعة "مسلم.

تساءل الفتى :ماذا تقصد بذكرك لهذا الخبر ؟

أجاب المعلم :أقصد أن أفهمك أنها روايات كلها موضوعة افتراها البعض على الرسول

قال الفتى :ما الأدلة على ذلك ؟

قال المعلم :أول دليل التناقض بين الروايات فاليهود فى الأولى 71 فرقة والنصارى 72 وقد جمعت الثانية الفريقين فى سلة واحدة فالعدد 71 فرقة وهذا تناقض بينما المسلمون فى الأولى 73 فرقة وفى الثانية 72 فرقة وهذا تناقض لاشك فيه .

قال الفتى :والدليل الثانى ؟

أجاب المعلم : هو قول القائل "تفترق أمتى "والأمة الواحدة لا تفترق لأنها على مر العصور واحدة مع اختلاف أفرادها ولذا قال تعالى بسورة الأنبياء "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "وأما ثالث الأدلة فهو وجود فرق تفوق الأعداد المذكورة بكثير ولو أتينا لتعريف الفرقة فى الإسلام لوجدنا أنها كل جماعة فارق دينها الإسلام فى حكم أو أكثر ثم طبقناه على الفرق لوجدنا عدد الفرق يتعدى المائة أن لم يكن الألف ،هذا عن الأدلة خارج القرآن وأما النص القرآنى فكما قلنا يتعارض مع هذه الأخبار الكاذبة .

تسائل الفتى قائلا :ترى لماذا حدثت الفرقة ؟

أجاب المعلم :الفرقة أى الاختلاف فى الدين يحدث نتيجة سبب واحد يتكرر عبر العصور .

تساءل الفتى :وما هو هذا السبب ؟

قال المعلم :السبب هو إرادة الفريق أن يتميز على الأخرين بمعنى أنهم يريدون أن تكون السلطة والحكم بيدهم من أجل أن يتمتعوا بكل المتع على حساب الأخرين .

قال الفتى :هل هذه الإرادة تكون قبل العلم بالحق أم بعد العلم به ؟

قال المعلم مجيبا :هذه الإرادة تكون دائما بعد معرفة هذا الفريق للحق وفى هذا قال تعالى بسورة البينة "وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة "وقال بسورة آل عمران "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ".

قال الفتى :هل يعنى هذا أن كل الفرق التى تنسب إلى الإسلام فى النار لمخالفتها للإسلام فى بعضه ؟

أجاب المعلم قائلا :هذه الفرق لا يدخل كل أفرادها النار وإنما يدخل منهم من علم الحق وخالفه وهناك الكثير من أفراد الفرق خالفوا الحق لجهلهم به بمعنى أنهم لم يتعمدوا مخالفة الحق وقد غفر الله لنا كل خطأ لم نتعمده لذا لا يؤاخذنا عليه وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم "ومما يجب قوله أن الفرق تنقسم لقسمين فى هذا الموضوع .

قال الفتى :وما هما ؟

أجاب المعلم :أما القسم الأول فيدخلون النار جميعا وهم من أباحوا المحرمات كلها أو بعضها ومن أعلنوا ألوهية أناس كالأئمة ومن آمن بهم والسبب هو مخالفتهم الحق بعد علمهم به والقسم الثانى يدخل الجنة لعدم تعمده مخالفة الحق .

قال الفتى :وماذا يرى المعلم فى الفرق أيضا ؟

قال المعلم :تنقسم الفرق من حيث ما فعلته بالإسلام لأنواع الأول زادت فى الإسلام ما ليس منه كألوهية الأئمة والإيمان المسمى تولى فلان وعلان من الخلفاء والثانى حرفت الإسلام عن معناه التزاما بقوانين لم ينزل الله بها سلطانا مثل قانون النحو وقانون معانى كلمات اللغة والثالث نقصت من الإسلام حيث كفرت بالسنة وهى تفسير القرآن المسمى الحديث وأمنت بالقرآن .

الإيمان :

قال الفتى :موضوعنا اليوم هو الإيمان فما هو ؟

أجاب المعلم :الإيمان فى الإسلام ليس كلمة ذات معنى واحد .

قال الفتى :إذا فالتصديق ليس المعنى الوحيد للكلمة .

رد المعلم قائلا :يا صاحبى لكلمة الإيمان المعانى التالية :

1-العمل وقد وردت بهذا المعنى فى قوله بسورة البقرة "وما كان الله ليضيع إيمانكم "أى وما كان الله ليضيع ثواب أعمالكم والدليل على كون الكلمة بهذا المعنى قوله تعالى بسورة آل عمران "فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم "فهذا القول يفسر القول السابق فالذى لا يضيع فى الأولى الإيمان وفى الثانية العمل وهذا يعنى أن كلاهما معنى واحد .

2-الإسلام أو الدين وقد ذكرت بهذا المعنى فى قوله بسورة البقرة ""ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا"والدليل على أن المراد هو الإسلام هو قوله بسورة آل عمران "أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون "فالردة تكون بترك الإيمان الذى هو الإسلام بدليل جملة "بعد إذ أنتم مسلمون "وقد ذكرت بهذا المعنى بقوله بسورة البقرة "قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين "أى قل قبح الذى يأمركم به دينكم إن كنتم مصدقين ،كما وردت بقوله بسورة آل عمران "ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان "ويفسرها قوله بسورة الأحقاف "إنا سمعنا كتابا "وقوله بسورة الجن "وأنا لما سمعنا الهدى "فالمسموع هو الإيمان أى الكتاب أى الهدى وهو الإسلام .

3-التصديق بحسب ما يضاف له وقد ذكر المعنى بقوله بسورة الحجرات "قالت الأعراب أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم "فهنا الإيمان غير الإسلام وقوله بنفس السورة "إن المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله "فالإيمان هنا التصديق بوحى الله المنزل على رسوله (ص)وفى قوله بسورة البقرة "الذين يؤمنون بالغيب"يعنى التصديق بالغيب من جنة ونار وبعث وأحداث أخرى خفية وكما أن هنا تصديق بالإسلام فهناك إيمان أى تصديق بالكفر بدليل قوله تعالى بسورة النساء "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت "فهنا يؤمن أى يصدق أهل الكتاب بالجبت وهو الطاغوت أى الكفر .

قال الفتى إذا بما يؤمن المسلم ؟

أجاب المعلم :يؤمن بما يلى :يؤمن بما أمن رسوله (ص) وهو :

الله والمراد وجود الله وملائكته وكتبه وهى الوحى المنزل على كل الرسل والرسل وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله "كما يؤمن باليوم الأخر لقوله بسورة النساء "وماذا عليهم لو أمنوا بالله واليوم الأخر "ويؤمن بالغيب وهو يشمل كل شىء غير معلوم لنا طلب الله الإيمان به مثل الجنة والنار والبعث وفى هذا قال بسورة البقرة "الذين يؤمنون بالغيب ".

قال الفتى فسر لى كل واحد من هؤلاء ؟

رد المعلم :أما الإيمان بالله فهو التصديق بوجوده ووحدانيته وقدرته وأما الملائكة فهم طائفة من الجن اصطفاهم الله للقيام بمهام خاصة وأما الكتب فهى كل الكتب المنزلة على الرسل (ص)على اختلاف أسمائهم وهذه الكتب كل منها يمثل حكم الله فى عصره وأما الرسل فهم الأنبياء ونحن نصدق بوجودهم وتبليغهم رسالات الله وأما اليوم الأخر فهو يوم القيامة وأما الغيب فهو كل شىء خفى طلب الله منا تصديقه كالجنة والنار .

قال الفتى :نعود لماهية الإيمان .

قال المعلم :له ثلاث ماهيات هى العمل والدين أيا كان والتصديق وهو ما يهمك وهو قلبى لقوله تعالى بسورة الحجرات "ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم "إذا فهو إقرار القلب بصدق الدين سواء نطق به اللسان أو لم ينطق فاللسان ليس ضرورة فى الإيمان حيث أكد الله أن الإيمان فى القلب وإن نطق اللسان بالكفر كرها فقال بسورة النحل "وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان".

الأطفال :

قال الفتى :موضوعنا اليوم هو الأطفال يا معلمى فما قول الإسلام فى قتل أطفال الكفار فى الدنيا ؟

قال المعلم :له حكمين :1-تحريم قتلهم وأما السبب فهو كونهم مثل أطفالنا سفهاء أى مجانين يصلون للعقل تدريجيا لقوله تعالى بسورة النساء "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "،2-تحليل قتلهم وهو ظرف طارىء فإذا قتل الكفار أطفالنا جاز لنا قتل أطفالهم تطبيقا لقوله بسورة البقرة "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"والسبب فى جواز قتلهم هو منع الكفار من تكرار فعلتهم وهذه هى قاعدة المعاملة بالمثل وإن كان للمسلمين الحق فى ترك هذا العمل مصداق لقوله بسورة الشورى "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا و أصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل "إذا العفو جائز عن الأطفال .

قال الفتى :جئت بدليل تحليل قتل الأطفال ولم تأت بدليل تحريم قتلهم فما هو ؟

قال المعلم :قوله تعالى بسورة المائدة "من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "فهنا النفس المقتولة تقتل بأحد سببين وهو قتل نفس من غير نفس والفساد فى الأرض وأطفال الكفار لم يقتلوا أحد ولم يفسدوا فى الأرض بارتكاب جرائم فى حق المسلمين ولذا يحرم قتلهم .

قال الفتى :إذا فأطفال الكفار ليسوا كفارا .

قال المعلم :إن أطفال الكفار ليسوا كفارا وأطفال المسلمين ليسوا مسلمين وإنما الجميع سفهاء كما قلنا سابقا مصداق لقوله عن الأطفال اليتامى بسورة النساء "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم "ولكننا نطلق على كل الأطفال مسلمين باعتبار أنهم لا يعصون الله تعمدا .

قال الفتى :إذا السفيه حالة بين المسلم والكافر .

قال المعلم :السفيه بمعنى الطفل مرحلة من مراحل حياة الإنسان سواء مسلم أو كافر .

قال الفتى :وما حال الأطفال فى الأخرة أى أين أطفال الكفار فى الأخرة ؟

قال المعلم :أطفال الكفار الذين ماتوا قبل أن يبلغوا سن الرشد لا يدخلون النار لقوله بسورة الصافات "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم "ودعنى أسألك من يدخلون النار هنا ؟

قال الفتى :إنهم الكافرون وزوجاتهم والمعبودون .

قال المعلم :فهل ذكر الله أطفالهم ؟

رد الفتى :لا .

قال المعلم :إذا فهم لا يدخلون النار لأنهم لم يعصوا الله لأنه لم يكلفهم إلا تدريجيا وحسب وصول الشرع من عدمه لهم .

قال الفتى :إذا هم فى الجنة .

قال المعلم :نعم لقوله تعالى بسورة النساء "فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا" فهنا استثنى الله من دخول النار المستضعفين من الرجال والنساء والولدان وهم الأطفال ثم أخبرنا بعفوه عنهم وعفوه هو رحمته التى تعنى دخول الجنة .

قال الفتى :إذا فكل الأطفال فى الجنة .

قال المعلم :هذا صحيح .

قال الفتى :كيف يعامل الله الأطفال ؟

قال المعلم :يشمل هذا مناقشتنا لقول البعض إن ظلم الله يحيق بالأطفال والمجانين .

قال الفتى :وهل يظلم الله مخلوقا ؟

قال المعلم :إن الله لا يظلم أحد سواء طفلا أو مجنونا أو غير ذلك بدليل نفيه ظلم العبيد عن نفسه بقوله بسورة آل عمران "وأن الله ليس بظلام للعبيد ".

قال الفتى إذا لا داعى أن نناقش قولهم أن إيلام الأطفال شىء فى غير مقابل بمعنى أنه هو عقاب مع انعدام العصيان .

قال المعلم :أتقصد عقاب بلا ذنب ؟

قال الفتى :هذا هو قصدى ففسر لى الموقف فى حكاية الإيلام .

قال المعلم :إن الطفل فى عمر المهد لا يعرف الألم أبدا لأنه لا يعرف شىء وما دام لا يعرف ماهية الألم فهو لا يدرى به بدليل قوله تعالى بسورة النحل "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا "وما دمت لا أعرف الألم فإنى لا أحس به فى فترة المهد والهدف من مرض الطفل هو اختبار والديه أيصبرون أم يكفرون .

قال الفتى :فماذا عن الفترة التالية ؟

قال المعلم قلت لك أن الطفل يكلف تدريجيا بمعنى أن الله فرض عليه أحكام قليلة لم يذكر فى القرآن منها سوى واحد هو حكم الاستئذان عند الدخول على الوالدين فى أوقات الجماع وفى هذا قال تعالى بسورة النور "يا أيها الذين أمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات "وبناء على هذا التكليف يكون الإيلام فإذا خالف الطفل هذا التكليف وهو أحكام قليلة كما قلنا كان من الله إيلامه عدلا .

قال التلميذ: هل فصلت لى الأمر أكثر ؟

قال المعلم :سأضرب لك مثلا من ضمن التكليف النهى عن الشتم والنهى عن ضرب الأطفال الأخرين فإذا شتم الطفل أو ضرب طفلا أخر رغم معرفته بالنهى فإنه يستحق العقاب الذى يكون فى صورة أمراض أو جروح أو غير ذلك من الأمور الدنيوية .

قال الفتى :لماذا يكون عقاب الطفل دنيويا ؟

أجاب المعلم :لأنه فى العقل ناقص وقد أخبرنا الله أنه يصل للعقل وهو الرشد تدريجيا فقال بسورة النساء "فإن آنستم منهم رشدا "إذا فما دام عقله لا يستوعب سوى العقاب الظاهر كمرضه وضربه فكان لابد من عقابه بعقاب يعرف ماهيته .

الظاهر والباطن :

قال الفتى اخترت اليوم موضوع الظاهر والباطن فيزعم البعض أن الدين له ظاهر وباطن ويقولون أن الظاهر هو المفهوم العام لقواعد الدين والباطن جوهر الدين المستور فمن عمل بالظاهر والباطن معا فهو منا ومن عمل بأحدهما دون الأخر فليس منا .

قال المعلم :إن الدين ظاهر بمعنى واضح جلى ليس فيه خفاء .

قال الفتى :وما الأدلة على هذا ؟

أجاب المعلم :إن الدين بين واضح بدليل أقوال عدة منها قوله بسورة القيامة "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه " وقوله بسورة النمل "كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون "وقوله بسورة هود"الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ".

قال الفتى :زدنى علما بالأمر .

قال المعلم :سأفرض معك أن للدين كما قالوا ظاهر وباطن وسأقول إذا كان الله هو الإله الظاهر فإن الإله الباطن هو الشيطان لأن كلاهما ضد للأخر وإذا قلنا أن الإسلام هو الظاهر فإن الباطن هو الكفر لأن ليس بعد الإسلام إلا الكفر فلا يوجد غيرهما ومعنى هذا هو .

قاطع الفتى المعلم قائلا:هو أن دين الله هو الكفر أى بمعنى أن دين الشيطان هو الإسلام

قال المعلم :وإذا كان الأمر هكذا فليس هناك فرق بين الكفر والإسلام لأنهما وجهان لعملة واحدة فى تلك الحال .

قال الفتى :هلا ضربت لى مثلا واضحا .

قال المعلم :يقول الله بسورة القلم "أفنجعل المسلمين كالمجرمين "ويقول بسورة الزمر "هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون "ويقول بسورة ص"أن نجعل الذين أمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض "فإذا فرضنا أن الظاهر هو عدم استواء المسلم بالكافر فإن الباطن هو عدم استواء الكافر بالمسلم وهذا هو نفس المعنى لأن فى كل من الظاهر والباطن استوى المعنى وهو عدم الاستواء فى الجزاء وهذا يبين لنا أننا لو فرضنا ذلك الفرض المستحيل بكون الدين ظاهر وباطن فإن الآيات لا يمكن تفسيرها كلها على حسب وجود ظاهر وباطن .

قال الفتى هلا ضربت لى مثلا أخر .

قال المعلم خذ مثلا قوله تعالى بسورة الواقعة "أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون "إن الله هنا يتحدث عن السحاب فإذا كان السحاب هو الظاهر فما هو باطنه ؟لا يوجد تفسير أخر له .

قال التلميذ وهذا يعنى أن الدين لا يمكن أن يوافق الكفرة على مذهبهم فى كل شىء .

قال المعلم صدقت ثم لو أن الله يستوى عنده الكفر والإسلام لأن كلاهما بمعنى واحد فى حالة الظاهر والباطن فلماذا بعث الله الرسل(ص)؟ثم لماذا أنزل الدين إذا كانت كل الأعمال سواء ؟إن الله عرفنا أنه أنزل الوحى ليكون حكما فقال بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون "فهو حكم يحكم به الرسول أو الحاكم بين الناس مصداق لقوله بسورة المائدة "أن احكم بينهم بما أنزل الله ".

قال الفتى وما قول الإسلام فى قولهم أن المحرمات فى الوحى يراد بها أشخاص يكرههم الله أو يحب بعضهم وأن المباحات والفروض مراد بها أشخاص يجب حبهم ؟

قال المعلم لو كانت الأمور هكذا لذكر الله ذلك بدون إتعاب الناس فى الفهم ودعنا نسأل كيف نعادى أشخاص وكيف نحب أخرين دون أن نعرف أسباب ذلك وإذا كانت المحرمات أشخاص والمباحات أشخاص فأين الأحكام التى يتبين بها كيف نحبهم أو نكرههم بها ؟قطعا لا يوجد فى حالة القوم شىء ،ثم كيف نحدد أسماء المكروهين والمحبوبين إذا لم تكن مذكورة فى القرآن وإذا لم يعطى القرآن لنا لغة شفرة نفك بها ألفاظه المبيحة والمحرمة للأشياء ؟طبعا لا توجد كيفية ، ثم دعنا نتساءل وماذا عن القصص فى القرآن والذى يوجد فيه محرمات ومباحات هل هو أشخاص أم أنه خارج هذا التصنيف ؟اعتقد أنه لا توجد إجابات عند من يعتقدون ذلك الإعتقاد .

قال الفتى وماذا عن كون أشخاص محددين هم الذين يتولون تفسير الباطن ؟

قال المعلم إن التفسير ليس حكرا على عائلة معينة بدليل قوله تعالى بسورة النساء "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم "فالمستنبطين قيل فيهم "منهم"أى من المسلمين ولم يقل من عائلة فلان أو علان ،هذا عن التفسير الذى هو قول واحد ليس فيه باطن ،ثم إن المسلمين سماهم الله أولوا العلم ولم يستثن منهم أحدا فقال بسورة آل عمران "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط "إذا فالعلم ليس حكرا على طائفة معينة .

قال الفتى إذا فما يسمى بتفسير الباطن هو تحريف للشريعة .

قال المعلم إن الأمر ما تقول فإن الله يقول بسورة الكهف"الحمد الله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا "فإذا كان الله لم يجعل له عوجا أى تحريفا أى ظلما فى أى شىء فكيف نحرفه عما يقول فنقول مثلا أن قوله "لا إله إلا هو "يعنى أى شىء أخر غير الله .

قال الفتى هل من أدلة أخرى ؟

قال المعلم توجد أدلة أخرى منها قوله تعالى بسورة الأنعام "ما فرطنا فى الكتاب من شىء "وقوله بسورة النحل "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "وهذه الأقوال تعنى أن الله لم يترك شىء بدون إيجاد حكم له فإذا كانت كل الأشياء لها حكم فهل يتبقى للباطن شىء حتى يبينه لنا .

قال الفتى لا .

قال المعلم أما المراد بالظاهر والباطن فى قوله تعالى بسورة الأعراف "قل إن ربى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن "فيعنى بالفواحش الظاهرة التى تم عملها فى العلن أمام الأخرين وبالفواحش الباطنة التى تمت بعيدا عن أعين وسمع الأخرين والله يحاسبنا على الاثنين بدليل قوله بسورة البقرة "وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ".

الإمامة:

قال الفتى :ما الإمامة ؟

قال المعلم :الإمامة هى الخلافة وهى القيام بتحكيم شرع الله فى الناس والله يقول بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وقال لداود(ص)بسورة ص"يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ".

قال الفتى :وقد اختلفت الفرق فى أمر الإمامة فبعضهم قال هى حق لأولاد فاطمة بنت النبى (ص)وبعضهم قال هى حق العباس عم الرسول (ص) وأولاده وبعضهم قال هى لأى واحد من قريش وبعضهم قال لمن نالها بالقوة وبعضهم قال هى لأولاد على بن أبى طالب وبعضهم قال هى لمحمد بن الحنفية وذريته ويجمع هذه الفرق قول واحد هو تخصيصها لعائلة معينة .

قال المعلم :اعلم أيها الفتى أن كل مسلم خليفة فى الأرض لقوله تعالى بسورة الأنعام "وهو الذى جعلكم خلائف الأرض "كما قال بسورة النمل "ويجعلكم خلفاء الأرض "والخطاب هنا للمسلم والكافر وكل مسلم يطلب أن يكون إماما وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان "واجعلنا للمتقين إماما ".

قال الفتى :إذا فالخلافة أى الإمامة جائزة لكل مسلم .

قال المعلم :اصبر يا فتى فالخلافة والإمامة هنا بمعنى أن كل واحد يحكم نفسه بشرع الله وأما الخلافة بمعنى قيادة المسلمين لتحكيم شرع الله فهى مذكورة فى قوله تعالى بسورة الشورى "وأمرهم شورى بينهم "فالخلافة لا تعطى لإنسان إلا باشتراك المسلمين فى إعطاء الخلافة له ومعنى القول وقرارهم مشترك بينهم ولاحظ كلمة بينهم لتعرف أن اتخاذ القرار ليس مقتصرا على فئة دون فئة .

قال الفتى إذا فالخليفة يكون مختار من المسلمين العلماء بالشرع السالمين من المرض المقعد فى الجسم أو المقلل لحركة الجسم لقوله فى اختيار حاكم بنى إسرائيل بسورة البقرة "وزاده بسطة فى العلم والجسم " وليس مهما من أى جماعاتهم كان .

قال المعلم اختيار الخليفة لا يكون إلا برضا المسلمين .

قال الفتى ماذا تقصد برضا المسلمين ؟

قال المعلم :لا أقصد ما يسمى الإجماع فإن إجماع المسلمين وغيرهم على شخص محال ولكن أقصد غالبية المسلمين .

قال الفتى وما شروط هذا الاختيار ؟

قال المعلم شرط الاختيار هو رضا الأقلية برأى الغالبية دون الانتقال للبغى وهو الخروج بالسلاح لتعديل القرار بالقوة .

قال الفتى هل الأقلية فى كل الأحوال تكون باغية بمعنى كافرة إذا خرجت على رأى الأغلبية فى الموضوع ؟

قال المعلم توجد حالة واحدة تكون فيها الأقلية على حق إذا خرجت بالسلاح .

تساءل الفتى وما هيه ؟

رد المعلم قائلا :عندما تستسلم الأغلبية لمن اغتصب الخلافة بالقوة فحكم بغير شرع الله فعند ذلك يحق للأقلية أن تحارب المغتصب ومن معه وفى تلك الساعة إذا انتصرت الأقلية فإن من حقها اختيار الخليفة وحدها دون سائر المسلمين من بينها وذلك لقوله بسورة الأنفال "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ".

البداء :

قال المعلم :موضوعنا اليوم البداء .

قال الفتى لقد زعموا أن الله تعالى تبدو له البداوات بمعنى أنه يعيد النظر والتفكير أى يتخذ قرار فى موضوع ثم يغيره قبل أن يخلقه فيصدر قرارا أخر يخلق أمرا أخر .

قال المعلم قال تعالى بسورة الحديد "ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها عليكم "وهذا معناه أن كل القرارات الإلهية اتخذت قبل خلقها وهى مسجلة فى كتاب وما دامت القرارات قد اتخذت وكتبت قبل خلقها فهذا يعنى أن لا مجال للتراجع عنها .

قال الفتى هذا يعنى أن القرارات الإلهية قديمة حدثت قبل الخلق ومن ثم لا يجوز أن نقول أنه يعيد النظر فى القرارات لأن الإعادة تكون حديثة .

قال المعلم قال تعالى بسورة يس "إنما أمره إذا أراد أن يقول له كن فيكون "فهذا يعنى أن الله إذا أراد أى قضى أى خلق الشىء فإنه لا يتردد فى أن يوحى له أن يكن فيكون وهذا معناه أنه لا يتراجع عن قرار اتخذه ولذا فإنه يقول بسورة الأنعام "ولا مبدل لكلمات الله "فتبديل الكلمات وهى القرارات من الإرادة الإلهية لا يمكن أن يحدث .

قال الفتى ماذا يترتب على القول بالبداء ؟

رد المعلم قائلا :لو قلنا أن الله يبدو له فإن ذلك يعنى أن الله يخطىء وما دام يخطىء فهو ظالم وهذا محال لقوله تعالى بسورة طه "لا يضل ربى ولا ينسى "فالخطأ ضلال والله لا يضل كما فى الآية

قال الفتى ترى لماذا اخترع القوم هذا القول ؟

قال المعلم أحسن رد قيل فى هذا هو أن المخترع قال ذلك حتى إذا قال قولا ولم يتحقق يتعلل بالبداء فيكون حجة له .

الحوض :

قال الفتى :موضوعنا اليوم هو الحوض وفيه أخبار عدة منها "إن لى حوضا ما بين الكعبة وبيت المقدس أبيض من اللبن آنيته عدد النجوم "و"إن حوضى لأبعد من أيلة إلى عدن والذى نفسى بيده لآنيته لأكثر عددا من النجوم ولهو أشد بياضا وأحلى من العسل ".

قال المعلم لا يوجد فى القرآن كلام عن الحوض وحقيقة الأمر هو أن الرسول (ص)كأى مسلم أخر له نهران يجريان فى جنته الأولى واحد وفى الثانية واحد .

قال الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة الرحمن "ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان "إذا فكل مسلم سواء نبى أو غير نبى له جنتان فيهما عينان تجريان ولو تتبعنا روايات الحوض لوجدنا تناقضا بينا بينها فى طول الحوض ففى الأولى هنا من الكعبة لبيت المقدس وفى الثانية من أيلة لعدن والمسافة حاليا هنا أطول ولوجدنا تناقضا فى عدد الآنية فمرة مثل عدد النجوم ومرة أكثر من عدد النجوم .

الصراط :

قال الفتى موضوعنا اليوم الصراط

قال المعلم الصراط الذى يوضع فى الأخرة فيمشى عليه الخلق فمنهم من يسقط فى النار ومنهم من يمر عليه ولا يسقط .

قال الفتى قل بعض ما عندك من أخبار الصراط .

قال الفتى ينسبون إلى عائشة أنها قالت سألت رسول الله(ص)يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات "فأين يكون الناس يومذاك ؟قال على الصراط .

قال المعلم هذا افتراء على رسول الله لأنه يتعارض مع القرآن فالناس يوم التبديل يكونون فى الساهرة وهى أرض المحشر بدليل قوله تعالى بسورة النازعات "فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة "ثم إن آية "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات "تدل على وجود أرض وسموات أخرى غير التى فى الدنيا ومن فالسؤال صادر من مجنون لأنه سأل عن شىء لا يكون .

قال الفتى ونسبوا أيضا للرسول (ص)أنه قال "يوضع الصراط بين ظهرانى آنى فناج مسلم ومخدوج به ثم ناج ومحتبس به ومنكوس فيه "

ضحك المعلم وقال :هذا أعظم فى الإفتراء للأسباب التالية :

-أن دخول الجنة والنار ليس طريقه الصراط المزعوم وإنما طريقه الدخول من الأبواب وفى دخول المسلمين من أبواب الجنة قال تعالى بسورة الزمر "وسيق الذي اتقوا إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها "وفى دخول الكفار من أبواب النار قال تعالى بسورة الزمر "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها "

-أن مرور المسلمين على هذا الصراط المزعوم يسبب لهم الخوف والفزع وهذا يتعارض مع القرآن فى ذكره أن المؤمنين آمنون من الفزع وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة ".

-أن الناس ليسوا أربعة أقسام هى المسلم والمخدوج والمحتبس والمنكوس وإنما هم قسمين مسلم فى الجنة وكافر ومنافق فى النار لقوله بسورة الشورى "وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق فى الجنة وفريق فى السعير ".

-ذكر الله أن المسلمين آمنون من كل فزع وذلك بقوله بسورة النمل"من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون "وهذه الأخبار الذاكرة أن الصراط أحد من السيف وأدق من الشعرة تعنى الفزع الذى يصيب الكل وهو ما يتعارض مع القول القرآنى .

قال الفتى وماذا عندك أيضا فى هذا الموضوع ؟

أجاب المعلم إن المذكور فى القرآن ويشابه الصراط شبها قليلا هو الأعراف وهى السور الفاصل بين الجنة والنار وعليها يقف بعض المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "وبينهما حجاب وعلى الأعراف "وهؤلاء المسلمون هم الذين حلفوا أن بعض الناس كفار يدخلون النار وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون".

رؤية الله :

قال المعلم :موضوعنا اليوم رؤية الله .

قال الفتى :قالت بعض الفرق إن رؤية الله ليست محالة وأن المسلمين يرون الله فى الأخرة رؤيا العين وزعم البعض أنه يُرى فى صورة يخلقها للناس .

قال المعلم رؤية الله فى كل الحالات مستحيلة .

قال الفتى ما الأدلة على هذا ؟

قال المعلم هناك أدلة كثيرة منها قوله تعالى بسورة الشورى "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء "فهنا ورد أن تكليم الله للبشر هو أحد الصورتين الوحى وهو ما يسمى الكلام من وراء حجاب وإرسال رسول بالوحى وهكذا لا توجد رؤية مع كلام مما يدل على امتناعها وقوله بنفس السورة "ليس كمثله شىء "فإذا كان الله يشاهد ويرى كل خلقه فإنهم لا يرونه وإلا أشبهوه فى شىء وهذا هو المحال وقوله بسورة الأنبياء "كما بدأنا أول خلق نعيده "فإذا كنا سنبعث بنفس العيون التى لا تقدر على تحمل ضوء الشمس فكيف بخالق الشمس مع الأخذ فى الاعتبار أنه ليس له ضوء أى نور بمعناه المعروف ؟وقوله بسورة الأعراف "قال رب أرنى انظر إليك قال لن ترانى "فهنا أخبر الله موسى (ص)باستحالة رؤيته بقوله "لن ترانى "ولن تفيد النفى المستمر وإذا كان الله عاقب رجال بنى إسرائيل عندما طلبوا الرؤية بالموت صعقا بدليل قوله بسورة البقرة "وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون " وقد عاقب الله موسى (ص)بنفس العقوبة بدليل قوله بسورة الأعراف "فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا "فهذا دليل على استحالة الرؤية لأن الله اعتبر طالبها مذنبا وعاقبه بالصعق وهو الموت المؤقت ومن الأدلة أيضا أن الله ليس بجسم حتى يمكن رؤيته ومن المعلوم أن المرئى لابد أن يكون مجسما أى له شكل ملون وإذا كان الله خارج المكان فذلك يعنى استحالة رؤيته ولأن الله ليس بجسم فلا تجوز رؤيته ومعنى رؤية الله هو حلوله فى المكان وهو الجنة كما يزعمون وإذا حل الله فى مكان فقد أصبح هو والكون شىء واحد وهذا هو الكفر عينه فى فكر أصحاب الرؤية ولو تأملنا أخبار الرؤية لوجدنا أن الرب يكون كالقمر ليلة البدر وهذا معناه أن يكون الرب قرص منير صغير الحجم يطلع كما يطلع القمر وهذا القول جنون وكفر أولا لأنه يجسم الإله وثانيا لأنه يجعله يحل فى المكان .

قال الفتى وما قولك فى احتجاجهم ببعض الآيات القرآنية على الرؤية ؟

قال المعلم :يحتجون بقوله تعالى بسورة القيامة "وجوه يومئذ إلى ربها ناظرة "وهذا الاحتجاج لا معنى له للتالى :

-أن الله قال وجوه ولم يقل أبصار أو عيون ومما هو معروف أن الوجوه لا ترى سواء كان المراد بها ما تحمل الرقبة أو النفوس .

-أن لو فسرنا كلمة ربها بأنها الذات الإلهية لوجب علينا أن نفسر قوله تعالى بسورة البقرة "فأينما تولوا فثم وجه الله "بأن الوجه يعنى ذات الله وهذا جنون لأننا عندما ننظر نرى آيات الله فى الكون وليس ذات الله ،إذا فالمراد بربها هو آيات ربها والدليل على أن الوجوه ليس مراد به العيون هو قوله تعالى بسورة المطففين "على الأرائك ينظرون تعرف فى وجوههم نضرة النعيم "فهنا الوجوه فيها نضرة النعيم أى أثر النعيم أى فرحة النعيم بدليل قوله بسورة عبس "وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة "وأما احتجاجهم بقوله بسورة المطففين "إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "فساقط لعدم ذكر الرؤية وأما الحجب فيعنى الإبعاد عن الرحمة الممثلة فى الجنة بدليل أنهم بعد الإبعاد يدخلون النار بدليل قوله بعد الآية مباشرة "ثم إنهم لصالوا الجحيم ".

قال الفتى وماذا عندك أيضا فى أمر الرؤية ؟

قال المعلم اعلم أيها الفتى أن موسى (ص)وصف طلاب الرؤية بأنهم سفهاء وجعل أمر الرؤية فتنة واختبار يسقط فيه من يضل فيطلبها وينجح فيه من يهتدى فلا يطلبها .

قال الفتى إذا فطالب الرؤية سفيه .

قال المعلم سفيه بمعنى كافر

قال الفتى وأين جاء قول موسى (ص)؟

قال المعلم جاء فى قوله بسورة الأعراف "واختار موسى سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم وإياى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء " وقد بين الله لنا أن الكفار فى عهد الرسول (ص)طلبوا رؤية الله وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء على لسان الكفار "أو تأتى بالله والملائكة قبيلا ".

قال الفتى لو فرضنا حدوث الرؤية فما معنى حدوثها ؟

قال المعلم يعنى أن الله جسم ويحل بالمكان وله لون وحجم والله كاذب فى الوحى وهذا كله ينفى صحة الألوهية عن الله لأنه يثبت تشابهه مع الخلق .

قال الفتى فما قولك فى زعم القوم أن الرؤية محرمة فى الدنيا وليست فى الأخرة .

قال المعلم لو كان الأمر كما يزعمون ما نفيت فى إطار حديث الله عن طرق كلام الله للبشر وما نفيت بلن التى تفيد النفى المستمر فى حديث الله لموسى (ص)ولو كان الأمر كما يدعون لكان الزنا المحرم فى الدنيا مباح فى الأخرة وفى تلك الحال سيسمح الله لنا بأن يضاجع كل منا حليلة صاحبه والمحرمات فى الدنيا محرمات فى الأخرة بدليل قوله بسورة الواقعة "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما " أى لا يعرفون فى الجنة اللغو أى الإثم أى لا يرتكبون فى الجنة الذنب .

قال الفتى وماذا عن إباحة شرب الخمر فى الأخرة ؟

قال المعلم أما الخمر المباحة فى الأخرة فليست هى المحرمة فى الدنيا لخلوها مما يسبب ارتكاب الإنسان للإثم واللغو وفى هذا قال تعالى بسورة الطور "يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ".

قال الفتى وما قولك فى الأخبار ؟

قال المعلم هناك أخبار تثبت الرؤية وهى باطلة وهناك أخبار تنفيها والكل إسناده باطل والكل باطل النسبة ولقد بين الله لنا أن طالب رؤية الملائكة والله مستكبر فقال بسورة الفرقان "وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا وعتو عتوا كبيرا "

قال الفتى قالوا إن ملاقاة الله تلزم رؤيته ومحادثته من جانب المسلمين وجها لوجهه

قال المعلم لو كانت ملاقاة الله تعنى كما يقولون إذا لرآه الكفار لأن الله يقول فى سورة الإنشقاق "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه "فهنا الإنسان وهو فى معظم تفاسيرهم إن لم يكن كلها مراد به الكافر سيلاقى الله .

آل البيت :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو آل البيت فمن هم ؟

قال المعلم :آل أو أهل البيت تعبير أطلق خطأ على البيت العلوى فالبيت المراد هنا البيت المحمدى .

قال الفتى أوضح .

قال المعلم إن كلمة أهل البيت تعنى زوجات النبى (ص)وأما الدليل فقوله تعالى بسورة الأحزاب "وقرن فى بيوتكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وأتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس آهل البيت ويطهركم تطهيرا "ودعنى أسألك من المخاطب فى الآية ؟

قال الفتى إنهن نساء بدليل نون النسوة .

قال المعلم إذا فأهل البيت هن نساء النبى(ص)لأن الآية السابقة تقول "يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا "ولأن الآية التالية خاطب الله فيها نفس السورة فقال "واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة "ولاحظ كلمة بيوتكن لتعلم أن البيت المراد فى الآية السابقة هو بيت الرسول (ص)وأما أهله فهن زوجاته .

قال الفتى هلا ذكرت لى ما جاء عن أهل البيت فى القرآن

قال المعلم رحمك الله لقد ورد هذا التعبير فى سورة هود حيث قال تعالى "قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " .

والملاحظ هنا أن المخاطب هو أهل البيت وهى امرأة إبراهيم (ص)بدليل قول الملائكة "أتعجبين "إذا فكلمة أهل البيت تطلق على زوج أى رسول أى على زوجاته وعلى أولاده كما بقوله بسورة آل عمران "إن الله اصطفى أدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين "فهنا المصطفين ولدا إبراهيم (ص)إسماعيل (ص)وإسحاق (ص)وولد عمران يقصد به مريم (ص)والمسيح (ص) فهو من ذرية بنته دون زواج أو زنى .

قال الفتى وماذا أيضا ؟

قال المعلم إن هذه وهى إطلاق لفظ أهل البيت على البيت العلوى ينفيها القرآن .

تساءل الفتى وما الدليل ؟

أجاب المعلم :قوله تعالى بسورة الأحزاب "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم "فإذا كان الرسول (ص)ليس له ابن ذكر فى بيته أو خارج بيته فهذا يعنى أنه ليس له ذرية تحمل اسمه لأن أولاد على هم من صلب على وليس من صلب محمد(ص)فالأولاد ينسبون إلى الأم مع يقيننا أن على لم يتزوج فاطمة لأن ذلك يخالف قوله تعالى بسورة الأحزاب "ادعوهم آبائهم هو أقسط عند الله ".

الفتن :

قال الفتى الفتن موضوعنا وهى الاختلافات التى حدثت بين الصحابة واختلاف الناس فيهم .

قال المعلم :مثل لما تقول

قال الفتى :مثل فتنة سقيفة بنى ساعدة وفتنة موت عثمان وفتنة على ومعاوية وفتنة موالاة أبو بكر وعمر .

قال المعلم :لكى تعلم الحق لابد أن تعلم ما يلى :

1-أن كل هذه الفتن مع عدم وقوعها أساسا- ليست من الإسلام فى شىء فأصحابها لم يذكروا فى الوحى ومن ثم فهم فيما عملوا يحكم عليهم بالوحى .

2-أن روايات الفتن كلها مختلق إلا النادر جدا .

3-أنه لا يجوز أن نحكم على أى واحد من أصحاب الفتن بالكفر إلا إذا تبين لنا إصراره على الخطأ.

4-أن تجعل حكمك فى المواقف حكم الإسلام وفى ذلك يحق لك أن تقول أن فلان كفر فى موقفه هذا ولكن لا تقل أنه بناء على ذلك كافر لأنك لا تدرى أتاب أم أصر على الخطأ.

قال الفتى فإذا قال لى إنسان هل تتولى فلان أو تبرأ من فلان فما أقول له ؟

قال المعلم قل له كما قال تعالى بسورة البقرة "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون ".

قال الفتى هذا يعنى أن أقول علمه عند الله .

قال المعلم أو قل أتولى فلان إن كان مسلما عند الله وأبرأ من فلان إن كان عند الله كافرا.

قال الفتى وما السبب ؟

قال المعلم السبب أن الله نهانا عن تولى الكفار وأمرنا بتولى المسلمين فقال بسورة آل عمران "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء " وقال بسورة الممتحنة "لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء "وقد طلب الله منا الاقتداء بإبراهيم ومن معه بالبراءة من الكفار بقوله بسورة الممتحنة "قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون الله ".

كلام الله :

قال الفتى :موضوعنا اليوم هو كلام الله .

قال المعلم قل ما عندك .

قال الفتى اختلف الناس فى كلام الله فقال بعضهم إن كلام الله ليس بجسم ولا عرض ولا مخلوق وهو محدث يوجد فى أماكن كثيرة فى وقت واحد وقال بعض أخر يجوز أن يقال إن الله يكلم عباده ولا يجوز أن يقال إنه يتكلم وقال بعض ثالث لا كلام لله فى الحقيقة وأن الله ليس بمتكلم ولا مكلم وقال فريق رابع كلامه محدث مخلوق فى محل وحقيقة الكلام عبارة عن أصوات مقطعة وحروف منظومة والمتكلم من فعل الكلام لا من قام به .

قال المعلم إن حقيقة أمر الكلام هى أن كلام الله يطلق على أمرين هما

1-أحكام الله والقرآن هو أحكام الله وهو هنا ليس مخلوقا لأنه من إرادة الله والإرادة خالقة والسبب أنه باعتباره إرادة ليس هو اللفظ أو الكتابة لأنه لو كان كذلك لأشبه كلام الله كلام الخلق وهذا محال وفى كون القرآن حكم الله أتت آيات عدة منها قوله بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وقوله "ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ".

2-ألفاظ القرآن بمعنى كلماته المنطوقة والمكتوبة وهى مخلوقة لأن قائلها هو جبريل (ص)بدليل قوله بسورة التكوير "إنه لقول رسول كريم ذى قوة عند ذى العرش مكين مطاع ثم أمين "وقال بسورة النجم "إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى "وقوله بسورة النحل "قل نزله روح القدس من ربك بالحق "ولأن جبريل (ص)مخلوق فأعماله ومنها الكلام مخلوقة بدليل قوله بسورة الصافات "والله خلقكم وما تعملون "

قال الفتى إذا فالقرآن ألفاظ جبريل (ص)ولذا فهو مخلوق .

قال المعلم إن الله يسمى مكلما ومتكلما بمعنى موحيا بدليل قوله بسورة النساء "وكلم الله موسى تكليما "وفسر هذا بقوله بسورة طه "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى "فقد سمى الله التكليم وحى .

قال الفتى والوحى هل هو إرادة ؟

قال المعلم الوحى عبر كل الأزمان كان إرادة الله .

المتولدات :

قال الفتى المتولدات موضوعنا اليوم .

قال المعلم ما عندك فيها ؟

قال الفتى :قال فريق المتولدات من فعل الله وقال فريق من الأفعال ما لا يمكن إضافته لفاعل لأنها متولدات كالذى يموت وقد فعل السبب ووجد المتولد بعده فلا يجوز إضافته للميت وقد لا يجوز إضافته لله تعالى بسبب قبح المتولد مثلا وقال فريق المتولدات أفعال لا فاعل لها وقال فريق يصح من الإنسان أن يفعل الألوان والطعوم والروائح والرؤية والسمع وسائر الادراكات على سبيل التولد إذا فعل أسبابها وقال فريق إنها فعل الله بإيجاب الطبع على معنى أن الله طبع الحجر طبعا يذهب إذا وقع وطبع الحيوان طبعا يألم إذا ضرب وقال فريق المتولدات اختيار الله لا طبع الجسم وقال فريق إن الإنسان لا يفعل إلا فى نفسه وما حدث عند فعله كذهاب الحجر عند الدفع واحتراق الحطب عند مجامعة النار والألم عند الضربة فالله سبحانه الخالق له وكذلك هو المبتدىء له .

قال المعلم يمكننا أن حصر الخلاف فى النقاط التالية :

من هو خالق المتولدات ؟هل يفعل الإنسان المتولدات ؟

قال الفتى :السؤال الأول كانت له الإجابات التالية:

-الله هو الخالق -المخلوق هو خالقها لا خالق لها.

قال المعلم المتولدات خالقها كلها هو الله لأنه خالق كل شىء مصداق لقوله بسورة الرعد "قل الله خالق كل شىء "ويقول القرآن أن المتولدات يفعلها الخلق فى نفس الوقت الذى يفعلها الله فيه بدليل قوله تعالى بسورة الإنسان "وما تشاءون إلا أن يشاء الله "أى وما تفعلون إلا أن يفعل الله .

قال الفتى إذا فالله خلق والإنسان فاعل .

قال المعلم نعم وفعل الإنسان خلقه .

قال الفتى وما الدليل على خلق الإنسان للشىء ؟

قال المعلم قوله بسورة العنكبوت "وتخلقون إفكا "فهنا نسب الله عمل الإفك للإنسان وسماه خلقا وقوله بسورة آل عمران "أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير "ومما لا شك فيه أن الخلق الإلهى يختلف عن الخلق من المخلوق فالأول يكون بكلمة كن والأخر يكون عن طريق أعضاء الجسم .

قال الفتى :نعود للنقطة الثانية هل يخلق الإنسان المتولدات ؟

قال المعلم :اعلم يا فتى أن الإنسان يقدر على خلق متولدات ولا يقدر على فعل متولدات أخرى فالمتولدات مثل الألوان والطعوم والرؤية والسمع لا يقدر الإنسان على خلقها .

قال الفتى وما السبب ؟

قال المعلم السبب هو أن كل واحد من هذه الأمور يحدث بوجود أسبابه الخالقة له فمثلا اللون يوجد بسبب وجود الضوء ومثلا الطعم يوجد بسبب تلاقى المطعوم بحبيبات التذوق فى الفم والرائحة توجد بسبب تلامس الهواء الحامل لها بحبيبات الشم فى الأنف والإنسان لا يقدر على إيجاد هذه الأسباب من العدم فلا هو قادر على إيجاد الحبيبات ولا هو قادر على إيجاد الأعضاء التى فيها الحبيبات ولا هو قادر على خلق الأشياء المولدة لرائحة من نبات أو حيوان ،من أجل هذا بين الله لنا أن الإنسان عاجز عن خلق ذبابة وهذا بقوله بسورة الحج"إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ".

قال الفتى وهل يقدر الإنسان على خلق متولدات ؟

قال المعلم أقدر الله الإنسان على خلق بعض المتولدات مثل صناعة التماثيل وفى هذا قال تعالى على لسان إبراهيم (ص)بسورة العنكبوت "إنما تعبدون من دون الله أوثانا "وقال بسورة الأنبياء "ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون "فالتماثيل متولدة من صياغة الإنسان للأحجار أو للأخشاب .

قال الفتى نعود للنقطة الأولى ونتساءل هل المتولدات طبع طبع الله به المخلوق أم أنها اختيار الله يجبر عليه المخلوق ؟

قال المعلم المخلوقات من حيث أفعالها بعضها يطيع حبا وبعضها يطيعه كرها .

قال الفتى فسر هذا .

قال المعلم إن إسلام المخلوقات يحدث من بعضها طوعا أى حبا فى الطاعة ويحدث من بعضها كرها أى جبرا .

تساءل الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم :قوله تعالى بسورة آل عمران "وله أسلم من فى السموات والأرض طوعا وكرها "وعليه فالمتولدات يحدثها البعض طوعا والبعض الأخر يحدثها كرها .

الاستواء :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو الاستواء

قال المعلم وماذا قيل فيه ؟

قال الفتى قيل ذات الله فى كل مكان وهو مستو على عرشه ونحن نراه فى الأخرة على عرشه بلا كيف كما قيل الاستواء مذكور وكيفيته مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة .

قال المعلم الفرق هنا تقر بوجود الاستواء ولكنها تفترق فى أمر كونه من عدمه لفريقين

الأول الكون مجهول وهو قولهم "كيفيته مجهولة "والثانى لا كون له وهو قولهم "بلا كيف "

قال الفتى وما حقيقة الأمر؟

قال المعلم إن الاستواء معلوم وهو الوحى وأما العرش فهو الكون فمعنى قوله تعالى بسورة طه "الرحمن على العرش استوى "هو الله أوحى للملك وهو الكون وهو السموات والأرض أطيعونى طوعا أو كرها بدليل قوله بسورة فصلت" فلما قضاهن سبع سموات قال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين "والسبب فى نشأة الخلاف هو لفظ العرش فهو فى القرآن فله عدة معانى :

الأول كرسى الملك وقد جاء بهذا المعنى بسورة النمل "أيكم يأتينى بعرشها "والثانى المبنى فالعرش جمع عروش وهى المساكن وقد جاء بهذا المعنى فى قوله بسورة البقرة "أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها "والثالث الكون وقد جاء بهذا المعنى بقوله بسورة هود"وكان عرشه على الماء "أى وكان كونه من الماء فالكون وهو المخلوقات أصلها الماء بدليل قوله بسورة الأنبياء "وجعلنا من الماء كل شىء حى "

قال الفتى وماذا أيضا ؟

قال المعلم لو كان الله يستوى بمعنى يجلس على العرش لكان معنى هذا أنه جسم ولكان معنى ذلك أنه يحل فى الأماكن لأن كرسى العرش مكان وكون الله جسم تشبيه له بالخلق وحلوله بالمكان تشبيه له أيضا بالخلق وهو كفر ،زد على هذا أن الله أخبرنا أن كل أفعاله تتم بكلمة كن وليس بعمله بما يسمونه الأعضاء أو الجسم المزعوم مصداق لقوله تعالى بسورة مريم "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .

الجوهر والعرض :

قال الفتى موضوعنا اليوم الجوهر والعرض .

قال المعلم قل ما عندك

قال الفتى من أقوال الفرق :يجوز أن يخلق الله جوهرا لا أعراض فيه ويرفع الأعراض من الجواهر فتكون لا متحركة ولا ساكنة ولا مجتمعة ولا متفرقة ولا حارة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة ولا ملونة ولا مطعمة ولا قابلة لشىء من الأعراض وقال بعضهم أن كل نوع من الأعراض الموجودة فى الأجسام لا نهاية لعدده وقال بعضهم يستحيل أن يخلق الله جوهرا لا أعراض فيه فيكون لا متحركا ولا ساكنا ولا مجتمعا ولا متفرقا ولا حارا ولا باردا ولا رطبا ولا يابسا ولا قابلا لشىء من الأعراض وقال بعضهم بجواز خلق الجوهر عن الأعراض .

قال المعلم تنحصر نقط الخلاف فى الجوهر والأعراض فى التالى :

انفصال واتحاد الجوهر والأعراض وعدد الأعراض .

قال الفتى :لنبدأ بالنقطة الأولى

قال المعلم انفصال واتحاد الجوهر والأعراض كانت فيه الأقوال التالية :

-لا جوهر بلا أعراض -يوجد جوهر بلا أعراض .

قال الفتى وما حقيقة الأمر ؟

قال المعلم إن المراد بالجوهر هو الجسم عندهم والأعراض هى حالات يمر بها الجسم ،فالجسم لابد له من أعراض فلا يمكن أن يوجد جسم دون أعراض وإن كانت الجواهر تختلف فى عدد الأعراض الموجودة فيها وهذا فى دنيانا ولابد من أن نقول أن الجسم قد يكون متحرك وساكن فى نفس الوقت فمثلا جسم النائم يكون ساكن من الخارج ومتحرك من الداخل حيث يعمل القلب والشرايين وبعض الأعضاء الأخرى والجسم قد يكون ليس به برودة ولا حرارة وإنما به اعتدال فى الدرجة والجسم قد يكون غير ملون كالهواء والله قادر على أن يخلق جوهرا ليس فيه أعراض .

قال الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة البقرة "إن الله على كل شىء قدير "فهنا الله قادر على كل أمر مهما كان .

قال المعلم أريد أن أعرف هل يوجد مخلوق يكون مجتمع ومتفرق ؟

قال المعلم شعاع الضوء يكون فى حالة مجتمع فإذا قابل شىء كالزجاج تفرق لأجزاء ومثلا السحاب يتكون من ذرات متفرقة ثم تجتمع ثم تتفرق وهكذا حياة السحاب :

فال الفتى أريد أن أعرف هل يوجد مخلوق ليس رطبا ولا يابسا ؟

قال المعلم عظام الإنسان الحى ليست رطبة ولا يابسة ففيها من الحالتين حيث توجد فيها صلابة اليابس وليونة الرطب .

قال الفتى وما رأيك فى الحرارة والبرودة ؟

قال المعلم إن الحرارة والبرودة مسميات غير محددة لأن الحرارة درجات كثيرة والبرودة درجات وما هو حار لنا قد لا يكون كذلك لمخلوق أخر فمثلا حرارة الصحراء مرتفعة لنا بينما للصبار شىء معتدل وما هو بارد لنا قد لا يكون كذلك لمخلوق أخر فمثلا برودة القارة الجنوبية قارصة عندنا بينما عند طائر البطريق شىء معتدل وجميل .

قال الفتى والرطوبة واليبوسة ما رأيك فيهما ؟

قال المعلم لا أدرى كيف غاب عن القوم أنه هناك مخلوق يتصف بالأمرين فى نفس الوقت وهو الثلج ففى الوقت الذى يتصف بالصلابة وهى صفة اليبوسة يتصف بالرطوبة حيث أنه مكون من أساسها وهو الماء .

قال الفتى وهل يوجد مخلوق ليس له لون ولا طعم ؟

قال المعلم نعم فالهواء ليس له لون نراه وليس له طعم نتذوقه .

قال الفتى يمكننا أن نقول كل حالتين من الأحوال التالية السكون والحركة والرطوبة واليبوسة والحرارة والبرودة بينهما حالة ثالثة .

قال المعلم الواقع يخبرنا بذلك فبين كل حالين متضادين حال وسط والجوهر يعرفونه بأنه الشىء الذى يستحيل إزالته لأن بزواله يزول الكائن وهذا يعنى أن الكائن مهما تغير ففيه شىء ذو دوام هو الذى يعطى له هويته .

قال الفتى هل كنت تقصد أن الجسم ليس جوهرا وإنما النفس هى الجوهر .

قال المعلم ليس الأمر كذلك وإنما أردت أن أقول أن جوهر المخلوق هو صورته .

قال الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة الإنفطار "فى أى صورة ما شاء ركبك "وقوله بسورة آل عمران "هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء "وصورة الإنسان لا تعنى شكله الخارجى وإنما تشمله كله بمعنى أن الصورة تشمل النفس والجسم .

قال الفتى إذا فجوهر الشىء هو تركيب نفسه وجسمه .

قال المعلم وهذا الجوهر ثابت بمعنى حى وإن كان كل منهما متغير دائما فى حال حياته

قال الفتى وكيف أعرف جوهر الإنسان ؟

قال المعلم إن وسيلة معرفة صورة الإنسان هى التعامل المستمر معها فمثلا أنا أعرف أنك جوهر فلان لأنى تعاملت معك منذ كنت صغيرا حتى أصبحت شابا .

قال الفتى وهل التعامل المستمر لازم للتعرف على الجوهر ؟

قال المعلم نعم .

قال الفتى وما الأسباب ؟

قال المعلم لأن التعامل المتباعد لا يجعلك تعرف أن هذا جوهر فلان

قال الفتى قل لى دليلك على هذا ؟

قال المعلم خذ مثلا اخوة يوسف (ص)لما دخلوا عليه عرفهم وجهلوه والسبب هو أنه ظل يتعامل معهم فى خياله بسبب ما فعلوه فيه وأما هم فلم يعرفوه لأن تعاملهم معه انتهى منذ اللحظة التى رموه فيها فى الجب ،أضف لهذا أن أجسامهم كانت ثابتة الشكل نسبيا بينما هو تغير فى الجسم كثيرا لأنه كان طفلا فأصبح شابا كبيرا وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "وجاء اخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون "

قال الفتى نعود للنقطة الثانية وهى عدد الأعراض

قال المعلم إن عدد الأعراض غير منتهى والسبب هو أن الحياة مستمرة حتى فى الأخرة ولذا تستمر الأعراض فى الوجود .

قال الفتى وماذا أيضا ؟

قال المعلم وعدد الأعراض معلوم لله لقوله تعالى بسورة القمر "وكل صغير وكبير مستطر "وقوله بسورة النبأ "وكل شىء أحصيناه كتابا ".

التقية :

قال الفتى موضوعنا اليوم التقية وقد قال فريق التقية غير جائزة فى قول ولا عمل وقال فريق يجوز تزويج المسلمة من كفار قومها فى دار التقية كذلك المسلم يجوز له زواج الكافرة فى دار التقية وأما فى دار العلانية فلا يجوز.

قال المعلم إن الناس فى التقية فريقان محرم لها فى كل الأحوال ومبيح لها فى دار الكفر .

قال الفتى وما هى التقية ؟

قال المعلم هى مسايرة الكفار مع اطمئنان القلب بالإيمان أى إعلان الكفر وإخفاء الإيمان خوفا من أذى الكفار .

قال الفتى وهل التقية محرمة أم مباحة ؟

قال المعلم :تتوقف الإباحة والتحريم على مكان وجود المسلم .

قال الفتى كيف هذا؟

قال المعلم إن الديار ثلاثة :1-دار الإسلام ومحرم فيها التقية فى القول والعمل ،2- دار العهد ومحرم فيها التقية فى القول والعمل ما دام العهد ينص على حمايتهم لمن فى أرضهم من المسلمين ،3-دار الحرب ومباح فيها التقية والدليل على إباحة التقية قوله تعالى بسورة النحل "وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان "وهذا يعنى أن الله أباح لنا الكفر بدينه خوفا من أذى الكفار ما دمنا مؤمنين به فى قلوبنا ولفظ التقية لم يرد فى القرآن بمعناه المعروف هنا .

قال الفتى وما الدليل على تحريم التقية الديار الأولى ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك وهم الكافرون"فهنا حرم الله العمل بغير ما أنزل .

قال الفتى وماذا عن قوله بسورة آل عمران "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة "؟

قال المعلم التقاة هنا معناها الحذر فمعنى جملة "إلا أن تتقوا منهم تقاة "هو إلا أن تأخذوا منهم حذرا أى إلا أن تستعدوا لخيانتهم استعدادا

قال الفتى إذا فالتقاة معناها اتخاذ الحذر .

قال المعلم بدليل قوله بعدها فى نفس الآية مباشرة "ويحذركم الله نفسه "فالله يطلب منا الحذر من الكفار حتى لا ينزل علينا عقابه الذى يجب أن نحذر منه .

الكبائر :

قال الفتى موضوعنا اليوم الكبائر

قال المعلم وما قول الفرق فيها ؟

قال الفتى قال بعضهم من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر كفر ملة وخرج عن الإسلام جملة ويكون مخلدا فى النار مع سائر الكفار وقال بعضهم كل كبيرة هى كفر نعمة لا كفر شرك وقال بعضهم كل كبيرة تخرج مرتكبها من الإيمان ولا تدخله فى الكفر ولكنه يكون مخلدا فى النار إلا أن عذابه يخفف عن الكافر وهذا القول هو جعل الفسق منزلة بين الكفر والإيمان وقال بعضهم مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته .

قال المعلم الخلاف ينحصر فى نقطتين 1- نوع كفر مرتكب الكبيرة 2- عقوبة مرتكب الكبيرة وبداية الكبيرة هى أى ذنب من الذنوب صنع تعمدا وسميت كبيرة لأنها تكبر على طاعة حكم الله فى الموضوع وفى النقطة الأولى لا توجد أنواع للكفر سوى نوعين 1- كفر بالله أى بدين أى بآيات وهى أحكام الله كما فى قوله بسورة البقرة "ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون "2- كفر بالطاغوت وهو أى دين باطل كما فى قوله بسورة البقرة "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ولا توجد أنواع للكفر غيرها وأتحدى أن يأتى أحد بدليل من الوحى على أنواع أخرى .

قال الفتى إذا فمرتكب الكبيرة كافر .

قال المعلم مرتكب الكبيرة كافر خارج عن الإسلام ولكن كفره إما كفر مستمر وهذا هو المرتد وإما كفر منقطع بمعنى أنه يكون كافر وقت ارتكاب الكبيرة فإذا تاب منها عاد مسلما .

قال الفتى وما الدليل على هذا ؟

قال المعلم قوله بسورة النساء "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم "فهنا التائب مرتكب الكبيرة عودته للإسلام مقبولة ولذا هو مسلم وقوله بسورة آل عمران "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروه لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها "فهنا المستغفر من ذنبه يكون مسلما فى الجنة وأما من يرتكب الكبيرة رافضا الاستغفار فهو فى النار لأن الله لن يغفر له وفى هذا قال بسورة المنافقون "سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم "

قال الفتى وما عقوبة مرتكب الكبيرة ؟

قال المعلم مرتكب الكبيرة من حيث الجزاء نوعين :1-مرتكب له عقوبة دنيوية ممثلة فى حكم الله إن عرف بها المسلمون ولا عقاب عليه فى الأخرة ما دام تاب إلى أى استغفر الله وفى هذا قال بسورة آل عمران "ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها" 2-مرتكب له عقوبة دنيوية ممثلة فى حكم الله وعقوبة أخروية هى الخلود فى النار وهو المصر على الكفر وهو ارتكاب الكبائر .

صفات الله :

قال الفتى صفات الله قضيتنا اليوم .

قال المعلم وما قول الفرق فيها ؟

قال الفتى قال بعضهم صفات الله قائمة بذاته أى أنها ليست ذاته ولا غير ذاته كما قالوا فى الصفات الله لا يشبهه شىء ولا يشبه شيئا لأنه لو أشبهها لكان حكمه فى الحدث حكمها ولو أشبهها لم يخل من أن يشبهها من كل الجهات أو من بعضها وفى الحالين يكون محدثا من حيث أشبهها وقال بعضهم إن أسماء الله وصفاته لذاته لا هى الله ولا هى غير الله وأنها قائمة بالله ولا يجوز أن تقوم بالصفات صفات وقالوا إن صفات الله لا تتغاير وأن العلم لا هو القدرة ولا غيرها وكذلك كل صفة من صفات الذات لا هى الصفة الأخرى ولا غيرها وقالوا إن وجه الله لا هو الله ولا هو غيره وهو صفة له وكذلك يداه وعينه وبصره صفات له لا هى هو ولا غيره وإن ذاته هى هو ونفسه هى هو وإنه موجود لا بوجود وشىء لا بمعنى أنه كان شيئا .

قال المعلم الخطأ العام فى الأقوال هو أن الصفات ليست هى الله وليست هى غير الله

قال الفتى أظن من الجنون قولهم أن الصفات ليست هى الله ولا غيره .

قال المعلم كلمة الصفات مستعملة هنا استعمال خاطىء لإطلاقها على الأفعال

قال الفتى وما الصواب ؟

قال المعلم إذا قصدوا بها الأسماء التى تطلق على الله

قال الفتى وما الحق فى تلك الحال ؟

قال المعلم إن الأسماء أى الصفات هى ألفاظ مخلوقة ومن ثم فهى ليست الذات الإلهية ومن ثم فهى شىء غير الله وهى جزء من مخلوقاته .

قال الفتى وما الأخطاء الأخرى ؟

قال المعلم الخطأ الثانى هو أن الصفات لا تتغاير بمعنى لا تختلف فالصفات بمعنى الأسماء تختلف فى المعنى بدليل أن الرحمة كما فى الرحمن والرحيم وذو الرحمة غير الشدة كما فى الجبار والمنتقم وشديد العقاب والخطأ الثالث هو أن كل صفة ليست هى الصفة الأخرى ولا غيرها

قال الفتى هذا هو الجنون فإما أن تكون الصفة نفسها الصفة الأخرى أو تكون غيرها من الصفات

قال المعلم صدقت فالصفات أى الأسماء تنحصر فى خمسة أمور هى الخلق والرحمة والعقاب والحكم والرزق وهذا الصفات بعضها غير بعض إن أخذ كل منها بمفرده .

قال الفتى وماذا عن القول الأخير ؟

قال المعلم أن ألفاظ وجه ويد وبصر وسمع الله دالة على أفعال الله من ثواب وعقاب ورزق وقدرة وغير ذلك

قال الفتى وهل أفعال الله ليست هى الله وليست هى غيره ؟

قال المعلم أفعال الله ليست الله وإنما هى غيره أى مخلوقاته فالثواب مثلا هو المخلوق المسمى الجنة والنصر والعقاب هو المخلوق المسمى النار والألم وهكذا كل فعل دال على مخلوق

قال الفتى زدنى علما .

قال المعلم يقولون الصفة تدل على الموصوف أى الفعل يدل على الفاعل ومن ثم فأفعال الله تدل عليه ولو قلنا أن أفعال الله هى الله لوقعنا فى التشبيه ولوقعنا فى الحلول

قال الفتى وهى هذه الأفعال أى الصفات قديمة ؟

قال المعلم هذه الأفعال محدثة فهى لم تكن موجودة ثم وجدت ولذا لا يصح أن نقول أنها قديمة بمعنى سابقة على الوجود الكائن

قال الفتى وما حقيقة القدم ؟

قال المعلم إن كلمة القدم تعنى السبق وهناك نوعين من السبق 1- سبق الخلق ويعنى أن الله هو الأول أى السابق على الوجود المخلوق منه 2- السبق الزمنى ويعنى حدوث شىء قبل شىء وهو لا يوجد إلا فى المكان أى الكون لأن الزمن لا يوجد إلا فى مكان لقوله تعالى بسورة التوبة "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السموات والأرض "فهنا ابتدأ الزمان مع خلق المكان .

الكرامات :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو الكرامات .

قال المعلم ماذا لديك فيها ؟

قال الفتى قال فريق للأولياء كرامات شبه إجابة الدعاء وقال فريق خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله وقال فريق يجوز أن يخص الله الصالحين بآيات تظهر عليهم

قال المعلم هذا يعنى أن الله أعطى للأولياء كرامات بمعنى آيات أى معجزات .

قال الفتى وما أخطاء الكلام ؟

قال المعلم الخطأ الأول تخصيص معنى الأولياء أى الصالحين لطائفة هم مشايخ الصوفية والأولياء هم كل المؤمنين والدليل قوله بسورة يونس "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون "ولاحظ جملة "الذين أمنوا وكانوا يتقون "وأما الخطأ الثانى فكون هؤلاء المشايخ لهم معجزات

قال الفتى وما الدليل على الخطأ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "فهنا منع الله نزول الآيات وهى المعجزات نهائيا وأما السبب فهو تكذيب كل الناس فى العصور السابقة بها عدا قوم يونس (ص).

الأعواض :

قال الفتى الأعواض موضوعنا .

قال الفتى قل ما عندك .

قال المعلم قال البعض يجوز ذلك أى فعل الألم ابتداء لأجل العوض وقال يجوز أن يتفضل الله على عبده بالأعواض غير أنه تعالى يعلم أنه لن ينفعه عوض إلا على ألم متقدم والعوض يحسن لأنه مستحق والتفضل غير مستحق وقال البعض يحسن الابتداء بالعوض تفضلا والعوض منقطع غير دائم وقال البعض الأول يجوز أن يقع انتصاف الله تعالى للمظلوم من الظالم بأعواض يتفضل بها عليه إذا لم يكن للظالم على الله عوض لشىء ضره به وقال البعض الأخر التفضل لا يقع به انتصاف لأن التفضل يتوجب عليه فعله

قال المعلم إن الأعواض وهى اللذات فى مقابل الآلامات والاختلاف فيهما هو فى نقطة هل اللذة تكون فى مقابل ألم سابق أم بدون ألم سابق ؟

قال الفتى وما حقيقة الأمر ؟

قال المعلم إن اللذات والآلام كلها تندرج تحت مسمى واحد هو الابتلاء لقوله تعالى بسورة الأنبياء "ونبلوكم بالشر والخير فتنة "وما دامت اللذات والآلام ابتلاءات فهى كلذات وكآلام نعمة ونقمة فى نفس الوقت

قال الفتى زدنى علما

قال المعلم إن الآلام أحيان تكون عقوبات على أخطاء سابقة بدليل قوله بسورة الروم "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس "وأحيانا تكون الآلام على غير أخطاء سابقة كما فى قوله بسورة الأنفال "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة "أى واتقوا فتنة لا تنزلن بالذين كفروا منكم خاصة فهنا الضرر يحيق ببعض المسلمين مع الكفار رغم عدم ظلمهم والدليل قوله بسورة البقرة "ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات "فهنا الابتلاء بالآلام رغم عدم وجود ذنب وأحيانا يعاقب بالعذاب غير المميت الكفار حتى يتعظوا أى يرجعوا للحق بدليل قوله بسورة السجدة "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الكبر لعلهم يرجعون "

قال الفتى وماذا عن اللذات ؟

قال المعلم إن اللذات تعطى فى أحيان رغم ارتكاب من تعطى له الذنوب الكثيرة بدليل قوله بسورة الإسراء "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد "

قال الفتى إذا الكل ابتلاء.

الاستطاعة:

قال الفتى الكسب والاستطاعة موضوعنا

قال المعلم قل ما عندك

قال الفتى قال فريق لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى وإنما تنسب الأعمال للمخلوقين على المجاز كما يقال زالت الشمس ودارت الرحى من غير أن يكونا فاعلين أو مستطيعين لما وقنا به وقال فريق أفعال العباد مخلوقة لله وليس للإنسان فيها غير اكتسابها أى أن الفاعل الحقيقى هو الله وما الإنسان إلا مكتسب للفعل الذى أحدثه الله على يدى هذا الإنسان وقال فريق إن الله تعالى غير خالق لأكساب الناس ولا لشىء من أعمال الحيوانات وأن الناس هم الذين يقدرون على أكسابهم وأنه ليس لله فى أكسابهم ولا فى أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير

قال المعلم الملاحظ فى هذه الأقوال هو أن الأول جعل الله هو الفاعل لكل شىء وأن الثانى جعل الخالق هو الله والإنسان مكتسب للأفعال المخلوقة وأما الثالث فجعل المخلوق هو الفاعل لكل شىء .

قال الفتى وهل يوجد فيهم من قال الحق ؟

قال المعلم نعم ولا فالفريق الأول على حق فى قوله لأن الله هو خالق أعمال العباد ولكنه على باطل فى أن الأعمال تنسب للعباد على المجاز والسبب هو أن العباد خالقين لأفعالهم بدليل قوله بسورة الإنسان "وما تشاءون إلا أن يشاء الله "أى وما تعملون إلا أن يعمل الله فالمخلوق لا يفعل شىء إلا إذا أقدره الله على فعله فى نفس الوقت وبدليل قوله بسورة العنكبوت "وتخلقون إفكا "فهنا نسب خلق الإفك للناس وقوله بسورة آل عمران "إنى أخلق لكم كهيئة الطير "فهنا نسب خلق هيئة الطير لعيسى (ص)وهو إنسان

قال الفتى ماذا يترتب على تصديقنا قولهم ؟

قال المعلم يترتب عليه أن الإنسان مكره على العمل ولا يجوز حسابه على أفعاله وأن الله ظالم للإنسان حيث يحاسبه على ما لم يفعل وأن الله كاذب لأنه أخبرنا أن الإنسان فاعل للأشياء فى الوحى .

قال الفتى وماذا عن القول الثانى ؟

قال المعلم يقول إن الله هو الفاعل والإنسان هو المكتسب والخطأ هنا هو معنى كلمة مكتسب فهو يعنى فى الحق فاعل أى عامل أى خالق بدليل أن الأقوال التالية كلها معناها واحد وهى قوله بسورة غافر "تجزى كل نفس بما كسبت "وقوله بسورة الزمر "وفيت كل نفس ما عملت "فالكسب هو العمل وبدليل أخر هو أن الله نسب عمل الإنسان إليه فقال على لسان إبراهيم (ص)بسورة الصافات "والله خلقكم وما تعملون "وفى قولهم تناقض فهو ينفى الفعلية عن الإنسان ثم يثبتها له بقوله "الذى أحدثه على يدى هذا الإنسان "فإذا كان الإنسان المحدث فإنه فاعل .

قال الفتى وماذا عن القول الثالث ؟

قال المعلم ينسب القول الفعل للعباد وينفيها عن الله

قال الفتى كيف غاب عن الفريق أقوال مثل قوله بسورة هود"إن ربك فعال لما يريد"وقوله بسورة البقرة "إن الله على كل شىء قدير "

قال المعلم إن نفى الفعل عن الله يترتب عليه أن الله ليس مدبر للكون أى ليس حافظا له وأن المخلوقات هى التى تسير الكون وليس الله وأن الله ليس له أهمية فهو ساقط من حسب المخلوقات .

قال الفتى إذا ما حقيقة الكسب والاستطاعة؟

قال المعلم إن عمل المخلوق هو عمل الرب أى أن الله خلق العمل فى نفس الوقت الذى عمله المخلوق مصداق لقوله بسورة التكوير "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" .

القدرة :

قال التلميذ القدرة اليوم موضوعنا

قال المعلم قل

قال التلميذ يقولون إن الله قادر على أن يظلم ويكذب ولو فعل مقدوره من الظلم والكذب لكان إلها ظالما كاذبا وقالوا إن الله لا يقدر أن يفعل بعباده خلاف ما فيه صلاحهم وقال بعض أخر إن القادر على العدل يجب أن يكون قادرا على الظلم والقادر على الصدق يجب أن يكون قادرا على الكذب وإن لم يفعل الظلم والكذب لقبحهما ولغناه عنهما ولعلمه بغناه عنهما لأن القدرة على الشىء يجب أن تكون قدرة على ضده ،وقالوا لا يوصف الله بالقدرة على فعل عباده ولا على شىء من جنس ما أقدرهم عليه وقال بعضهم أن البارى قادر على ما هو من جنس ما أقدر عليه عباده من الحركات والسكون وسائر ما أقدر عليه عباده .

قال المعلم دعنا نناقش النقطة الأولى وهى قدرة الله على الظلم والكذب والحق هو أن الله قادر على كل شىء ومن هذه الأشياء الظلم والعدل بدليل قوله بسورة البقرة "وأن الله على كل شىء قدير "فلم يستثن هنا شىء من الأفعال ولكن الله مع قدرته على الكذب والظلم فقد حرمهما على نفسه فقال بسورة آل عمران "وأن الله ليس بظلام للعبيد "و"إن الله لا يخلف الميعاد"ففى الأولى نفى الظلم عن نفسه وفى الثانية نفى الكذب وهو إخلاف الوعد

قال الفتى والنقطة الثانية ؟

قال المعلم أن الله لا يقدر أن يفعل بالعباد غير ما فيه صلاحهم والحق هو أن الله يفعل ما يريد مصداق لقوله بسورة هود "إن ربك فعال لما يريد"وأفعال الله بالعباد لا يصح وصفها بأنها فى صالح العباد أو فى غير صالحهم بسبب أنها ابتلاءات متنوعة ما بين الملذات والأضرار ولو فعل الله بالعباد الأصلح لن يكون هناك ابتلاءات ومن ثم لن يكون هناك حساب لكون الكل مسلمين له ويمكننا أن نقول أن كل أفعال الله يمكن أن يحولها الإنسان لصالحه أو يحولها لضرره ولذا قال تعالى بسورة الإسراء "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها "

قال الفتى والنقطة الثالثة ؟

قال المعلم يصح وصف الله بالقدرة على فعل عباده بدليل قوله بسورة الصافات "والله خلقكم وما تعملون "فهنا وصف الله نفسه بأنه خالق عمل العباد وهذا يعنى قدرته على فعل العباد وقوله بسورة الأنفال "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى "فهنا نسب الرمى لنفسه وللعبد والمعنى والذى قذفت وقت قذفت أى إن الله قذف .

الطاعة :

قال الفتى موضوعنا اليوم الطاعة والسؤال ما حكم الإسلام فيما يقوله البعض من أن الإنسان قد يكون مطيعا لله إذا فعل شيئا أمره الله به وإن لم يقصد الله بذلك الفعل ولا أراده به .

قال المعلم مجيبا إن طاعة الله ليس مقياسها تنفيذ الأوامر فقط وإنما تنفيذ الأوامر والنواهى ولكن متى تحسب طاعة للإنسان ؟تحسب إذا أراد بها رضا الله وهو ثوابه وقد بين الله لنا أن المنافقين لو أطاعوا الله بالإنفاق فإن هذه الطاعة لن يتقبلها الله منهم والسبب كفرهم وفى هذا قال بسورة التوبة "وما منعهم أن تقبل منهم نفقتهم إلا أن كفروا بالله ورسوله " كما بين لنا مثلين الأول الذى يعمل عملا هو فى ظاهره طاعة لله بينما يريد به أمر أخر يكون عمله باطل وقد شبهه الله بالحجر الذى عليه تراب فنزل عليه وابل من السحاب فأزال التراب وتركه عاريا وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا "والثانى الذى عمل عملا قاصدا به رضا الله وتثبيت نفسه فقد شبهه بحديقة على ربوة نزل بها مطر فأثمرت ثمرا مضاعفا فإن لم يصبها المطر الكثير أصابها القليل فأثمرت ثمرها العادى وفى هذا قال بسورة البقرة "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل "وقد اشترط الله لقبول العمل الإيمان به فقال بسورة آل عمران "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ".

علم الله :

قال الفتى الرؤية الإلهية موضوعنا فقد قالوا أن الله يرى خلقه من الأجسام والألوان وقالوا لا يرى الله نفسه كما لا يراه غيره وقال بعض أخر إن الله لا يرى شيئا فى الحقيقة

قال المعلم إذا قلنا الله يرى بمعنى يشاهد بعينين الأشياء فما الحكم فى القول ؟

قال الفتى إذا فقد شبهناه بخلقه فى أن له عيون تبصر

قال المعلم إذا فهو لا يرى بعيون ومن فالرؤية الإلهية تعنى معرفة الله بالأشياء وليست رؤية بصرية أو رؤية بعضو والأدلة قوله تعالى بسورة فاطر "إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور "وقوله بسورة البقرة "واعلموا أن الله بكل شىء عليم "

قال الفتى إذا فالسمع والبصر والخبرة والإحاطة والعلم ألفاظ معناها واحد هو المعرفة

قال المعلم قارن بين قوله بسورة البقرة "والله بما تعملون بصير "و"والله بما تعملون خبير "وقوله بسورة آل عمران "إن الله بما تعملون محيط "فهذه الأقوال تفسر بعضها لأن العمل مشترك وقارن بين قوله بسورة البقرة "واعلموا أن الله بكل شىء عليم "وقوله بسورة فصلت "ألا إنه بكل شىء محيط "وقوله بسورة الأحزاب "وكان الله على كل شىء رقيبا "تجد أن الألفاظ بمعنى واحد هو المعرفة فالعليم هو المحيط هو الرقيب

قال الفتى إذا فالله يرى نفسه

قال المعلم يرى نفسه بمعنى يعرف نفسه

قال الفتى ومعرفة الله هل هى تكون مع خلقه للشىء أم قبله ؟

قال المعلم معرفة الله بالشىء قبل خلقه بدليل قوله بسورة الأحزاب "ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها "إذا فالأشياء موجودة فى الكتاب قبل أن يبرأها أى يخلقها زد على هذا أنه أخبرنا بيوم القيامة وأحداثه قبل وقوعها .

أسماء الله :

قال الفتى موضوعنا اليوم أسماء الله والتى قالوا فيها أسماء الله هى الله وقالوا ليست هى الله

قال المعلم إن المراد بأسماء الله فى القرآن هو أحكام الله وليس الألفاظ مثل الرحمن والغفور والقادر

قال الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم قال تعالى بسورة الأعراف "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" أى ولله الأحكام النافعة فأطيعوه بها ،وقال بسورة الإسراء "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى "أى قل أطيعوا الله أى أطيعوا الرحمن أياما تطيعوا فله الأحكام النافعة وقال بسورتى الحشر وطه "له الأسماء الحسنى "أى له الأحكام النافعة وأما الدليل على كون الأسماء بمعنى الأحكام فهو قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما "فالله هنا وصف حكمه بالحسن زد على هذا قوله بسورة يوسف "ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم "أى ما تطيعون من غيره إلا أحكام ألفتموها أنتم وأباؤكم لأن الكفار يطيعون أحكام وليس ألفاظ تطلق على الآلهة المزعومة مثل مناة واللات والعزى.

قال الفتى هل تريد أن تقول أن المسألة ليس لها أساس فى الوحى ؟

قال المعلم نعم واعلم أن أسماء الله بمعنى الألفاظ التى تطلق على الله ليست هى الله لأن الله ليس لفظ وإنما نفس لقوله تعالى بسورة الأنعام "كتب ربكم على نفسه الرحمة ".

التكفير :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو التفكير

قال المعلم وماذا تريد فيه ؟

قال الفتى أريد أن أعلم حقيقته

قال المعلم أن الكفر هو عصيان الله فى أمر أو أكثر مما ورد فى الوحى بدليل قوله تعالى بسورة الجن "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا "وقوله بسورة النساء "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين "وقوله بسورة الأحزاب "يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا "فهذا معناه أن سبب دخول النار هو العصيان وكلمة الكفر تطلق على الظلم والفسق والضلال والإجرام والإفساد وغير ذلك من الكلمات التى وردت فى القرآن

قال الفتى وهل يكفر المسلم إذا أذنب ؟

قال المعلم إن المسلم ساعة ارتكابه الذنب يكون كافر فإذا تاب منه عاد إلى إسلامه.

قال الفتى وما الدليل على كون ارتكاب الذنب كفر ؟

قال المعلم الدليل هو أن الله جعل جزاء مرتكبه هو النار مصداق لقوله بسورة البقرة "من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "وعليك أن تلاحظ كلمة خالدون لتعلم أن مرتكب السيئة وهى الذنب كافر مخلد فى النار ما لم يتب منها

قال الفتى وما الدليل على أن التوبة تزيل العقاب ؟

قال المعلم قال تعالى بسورة آل عمران "أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم "فهنا استثنى الله التائبين من دخول النار وقال بنفس السورة "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين" فهنا جعل الله جزاء المستغفرين وهم التائبين الجنة وقوله بسورة النساء "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "فهنا جعل مرتكب الذنب المستغفر لا شىء عليه من العقاب وإنما له الرحمة والغفران من الله وقوله بنفس السورة "إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا "فهنا بين الله أن المسلمين قد كفروا ثم عادوا للإسلام ثم كفروا ثم ثبتوا على كفرهم وهذا دليل على أن الله يقبل توبة مرتكب الذنب وهو العصيان وقوله بنفس السورة "إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما "فهنا بين الله لنا أن التائب من المنافقين يصبح مسلما مرة أخرى وسيكون له من الله أجر عظيم وقوله بسورة المائدة "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الأخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم "فهنا استثنى الله من العذاب الدنيوى والأخروى التائبين من الذين يحاربون الله ورسوله (ص)وقوله بسورة المائدة"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم "فهنا يغفر الله للسارق والسارقة إذا تابا وقوله بسورة الأنعام "فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده فأنه غفور رحيم " فهنا من عمل السوء ثم تاب فإن الله يغفر له وقوله بسورة الأنفال "قل للذين ظلموا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين "فهنا جعل الغفران لمن ينتهى عن ارتكاب السيئات من الكفار وقوله بسورة التوبة "يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والأخرة وما لهم فى الأرض من ولى ولا نصير "فهنا يبين لنا أن المسلمين الذين كفروا بعد إسلامهم إذا تابوا فإن الخير سيكون نصيبهم وإذا لم يتوبوا فالعذاب هو نصيبهم دنيا وأخرة وقوله بسورة النحل "ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم "فهنا جعل الغفران هو نصيب التائب من السيئات وقوله بسورة مريم "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وأمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا "فهنا جعل الله نصيب التائبين هو دخول الجنة وقوله بسورة النور "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم "فهنا جعل قاذفى المحصنات كفار أى فساق إلا من تاب فإن الله يغفر له وقوله بسورة الفرقان "والذين لا يدعون مع الله إلها أخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وأمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "إذا فالله استثنى التائبين من السيئات من العذاب وجعل لهم الغفران والرحمة وقوله بسورة القصص "فأما من تاب وأمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين "فهنا جعل الله التائب مفلحا أى داخلا الجنة وقوله تعالى بسورة هود"إن الحسنات يذهبن السيئات "فهنا جعل الله الحسنات وهى الأعمال الصالحة تزيل عقاب الأعمال السيئة

قال الفتى وكيف يعرف المسلم كفر مسلم أخر؟

قال المعلم يعرفه من إصرار الأخر على قول أو فعل يعرف أنه مخالف لدين الله

قال الفتى وما الدليل ؟

قال المعلم قوله تعالى بسورة آل عمران "فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "فهنا اشترط الله لكفر المسلم شرطين :

1-الإصرار على الفعل وهو ما يسمى البقاء على الرأى لفظا أو عملا

2-العلم بأن الفعل محرم فى الإسلام .

قال الفتى إذا ففاقد شرط العلم يكون مسلما

قال المعلم يكون مسلما حتى يعلم فإذا علم وأصر كفر

قال الفتى يقولون إن مرتكب الذنب مؤمن ناقص الإيمان وأنه ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الزانى غير المحصن يجلد ولا يقتل والشارب يجلد والقاذف يجلد والسارق يقطع ولو كانوا كفارا لكانوا مرتدين ووجب قتلهم

قال المعلم فى قولهم أخطاء عدة ما يهمنا منها أن مرتكبى الذنوب ليسوا مرتدين وهم مرتدين حتى بعد إقامة حكم الله فيهم ما لم يتوبوا والدليل قوله تعالى بسورة المائدة "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم "فهنا اشترط الله على السارق بعد إقامة الحكم أن يتوب من ظلمه والسبب أنه لو لم يتب لكان مصرا على الذنب والمصر مع علمه بالحرمة كافر وقوله تعالى بسورة النور "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم "فهنا اشترط الله على القاذف التوبة بعد الذنب منه لأنه لو لم يتب مع تنفيذ الحكم لأصبح مصرا والمصر على الذنب مع علمه به كافر وإذا أصر مرتكب ذنب عليه مع علمه بحرمته ومع تنفيذ حكم الله فيه يعاقب بحكم الله فى المرتد وهو المرتد وهو القتل بأى وسيلة .

الكبائر والصغائر :

قال الفتى اليوم مسألتنا الكبائر والصغائر .

قال المعلم مسألة لا أصل لها فى كتاب الله ولا فى حديث الرسول(ص)المنسوب له زورا وإنما سميت الذنوب بالكبائر لأن كل ذنب هو استكبار على حكم الله

قال الفتى زدنى علما

قال المعلم لقد أخذوا تقسيم الذنوب لصغائر وكبائر من قول الكفار بسورة الكهف "مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها "

قال الفتى هذا دليل على صحة التقسيم

قال المعلم لا لأن ليس كل ما ورد بالقرآن يعمل به

قال الفتى كيف ؟

قال المعلم القرآن الأقوال فيه مصدرها أى قائلها واحد من ثلاث 1- الله 2-فريق المسلمين رسل وغير رسل 2- الكفار والشيطان فالأول دليل على الأحكام والثانى يؤخذ منه أحكام والثالث لا يؤخذ منه أحكام إطلاقا لأننا لو قلنا بأخذ الأحكام منه لكان قولهم أن الله ثالث ثلاثة وأن له ابن صواب وهو ما لا يقول به عاقل .

قال الفتى فهمت

قال المعلم لقد فهم الناس قول الكفار خطأ لاعتقادهم أن الصغيرة والكبيرة تطلق على الذنوب مع أن الصغيرة فى الإسلام ليست ذنبا وإنما معناها القليلة والكبيرة بمعنى الكثيرة بدليل قوله بسورة التوبة "ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة "فمن المعروف أن نفقة المال الصغيرة هى القليلة والكبيرة هى الكثيرة لعدم وجود معنى أخر للصغر والكبر .

قال الفتى إذا فمعنى قولهم هو مال لهذا السجل لا يترك قليل ولا كثير إلا سجله .

قال المعلم هذا صحيح وحتى لا نترك الموضوع دون أن نتمه نقول أن قوله تعالى بسورة القمر "وكل صغير وكبير مستطر"أى وكل قليل وكثير الحجم أو العدد مسجل فى الكتاب بدليل قوله بسورة يونس "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "فهنا ما هو أصغر من الذرة وما هو أكبر كلهم مسجلين فى الكتاب وبدليل أن كلمة صغائر لم ترد فى الوحى مضافة للذنوب وكذلك كلمة صغيرة وأما كلمة كبائر فقد وردت مضافة للذنوب فى عدة أقوال منها قوله بسورة الشورى "والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش "أى والذين يتركون أفعال الذنوب أى السيئات وقوله بسورة النساء "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه "أى إن تتركوا أفعال الذى تزجرون عنه وقوله بسورة النجم "والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" ومعناها والذين يتركون أفعال الكفر أى أفعال الظلم إلا القليل .

الخلود :

قال الفتى يقولون أن الخلود يعنى الحياة الطويلة وليس الحياة المستمرة بغير انقطاع

قال المعلم الخلود هو الحياة بلا انقطاع بدليل قوله بسورة الدخان "لا يذوقون فيها إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم "فهنا ليس هناك موت بعد الموتة الأولى وهى السابقة فى الجنة والمراد الموت عند قيام القيامة فى الجنة البرزخية وقوله تعالى بسورة فاطر "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها "فإذا كان الله لا يقضى على الكفار بالموت فهذا معناه استمرارية حياتهم بلا انقطاع وقوله بسورة القصص "كل شىء هالك إلا وجهه "فمعناه كل شىء فان إلا جزاء الله والدليل قوله بسورة النحل "ما عندكم ينفد وما عند الله باق "والذى عند الله هو الجزاء الممثل فى الجنة والنار وعليه فغير الهالك أى الباقى هو الجزاء

قال الفتى فما قولك فى قولهم أن لا خلود فى النار للفاسقين ؟

قال المعلم هذا افتراء على الله والدليل قوله تعالى بسورة السجدة "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون "فهنا أهل الفسق كلما أحبوا الخروج من النار ارجعوا لها وهذا يعنى خلودهم والحق أن الفاسقين هم الكافرون لقوله بسورة البقرة "وما يكفر بها إلا الفاسقون "والمسلمون لا يفزعون من شىء فى الأخرة لقوله بسورة النمل "من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ أمنون "وهذا دليل على أنهم لا يدخلون النار أبدا وقوله تعالى بسورة مريم "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وأمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا "فهنا أدخل الله التائبين الجنة رغم كبائرهم ولم يذكر شىء عن دخولهم النار ولو أننا فكرنا كالقوم لوجب دخول الرسل (ص)النار لارتكابهم الذنوب فنوح(ص)طلب من الله إدخال ابنه الجنة وهو كافر وهذا عصيان وموسى (ص)قتل إنسان ومحمد (ص)قال الله له بسورة الفتح "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "إذا فطبقا للقوم فكل البشر لابد من دخولهم النار وهو ما يتعارض مع القرآن ولو أتينا لقولهم المزعوم سنجد القول "ولكن ناس أصابتهم بذنوبهم فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجىء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة "يتعارض مع القرآن على أشياء كثيرة منها أن لا موت بعد يوم القيامة فى النار لقوله بسورة فاطر "والذين كفروا لهم نار جهنم فلا يقضى عليهم فيموتوا "وفى الجنة قال بسورة الأحقاف "لا يذوقون فيها إلا الموتة الأولى "وقال الكفار بسورة غافر "ربنا وأمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" وهذا يعنى أن عدد الحيوات اثنين قبل القيامة وعدد الموتات اثنتين واحدة فى الدنيا وواحدة فى البرزخ عند القيامة – وقول الكفار ليس دليلا ولكنه يوافق ما سبقه -وليس هناك دليل على موتة ثالثة كما أن الشفاعة لا تكون بعد يوم القيامة حيث دخول النار والجنة وإنما تكون فى نفس اليوم لقوله تعالى بسورة طه "يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا "

قال الفتى وما رأيك فى قولهم أن مرتكب الكبيرة يعذب فى نار غير النار التى يعذب فيها الكفار ؟

قال المعلم افتراء فلا يوجد فى الوحى حديث إلا عن نار واحدة هى نار جهنم وهى النار الكبرى المذكورة بقوله بسورة الأعلى "الذى يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى "وتفسيرها قوله بسورة فاطر "والذين كفروا لهم نار جهنم فلا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم عذابها " فكلمة الكبرى لا تدل على وجود نار صغرى لأن كلمة الكبرى تعنى العظمى المستمرة الخالدة .

الشفاعة :

قال الفتى موضوعنا اليوم الشفاعة

قال المعلم قل ما عندك فيها

قال الفتى قالت فرقة لا شفاعة للنبى وقالت فرقة النبى هو الشفيع الوحيد فالفرق فى الموضوع بين منكر ومثبت ولكل منهم درجات فى الإنكار والإثبات

قال المعلم الشفاعة بداية هى مناصرة الشفيع لمن يشفع له أو هزيمته له أى شهادة الشفيع لمن يشفع فيه شهادة حسنة أو سيئة

قال الفتى إذا فالشهادة شفاعة

قال المعلم الشفاعة شهادة شاهد وهى تنفع عند القاضى الذى هو الله ومع هذا لا تؤثر على حكمه لعلمه السابق بها وكل رسول يشهد على أمته المسلمين فقط لقوله تعالى بسورة البقرة "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا "وقوله بسورة النساء "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا "وقوله بسورة النحل "ويوم نبعث من كل أمة شهيدا "فهنا كل رسول شهيد على المؤمنين به والمؤمنون شهداء على الكفار فى عصورهم لقوله تعالى بسورة البقرة "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس "

قال الفتى وما شروط الشفاعة ؟

قال شرطان الأول أن يأخذ الإذن بالكلام من الله والثانى أن يكون قوله مرضيا من الله أى موافقا لحكم الله فى المشفوع فيه أى صوابا وفى هذا قال تعالى بسورة طه "يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا "وقوله بسورة النبأ "ويوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا "ولاحظ جملة "من أذن له الرحمن "تجد الإذن وجملة "ورضى له قولا "و"قال صوابا "فهنا قول الحق الموافق لحكم الله والشفاع يشفعون لمن رضى الله وهم المسلمون لقوله بسورة الأنبياء "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى "وأما الكفار أى الظالمين فليس لهم شفعاء لقوله تعالى بسورة غافر "وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " إذا الشفعاء من رسل وملائكة ومسلمين يشهدون بالحق لقوله تعالى بسورة الزخرف "ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون "

النار :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو النار وقد قال فريق أن المسلمين فى الجنة فى لذة ونعيم وأيضا أهل النار فى النار فى لذة ونعيم كما قالوا أن أهل الجنة يتنعمون فى الجنة وأهل النار يتنعمون فى النار بمنزلة دود الخل يتلذذ بالخل ودود العسل يتلذذ بالعسل

قال المعلم هذا القول باطل من عدة نواحى منها :

-أن الله قال بسورة الإنفطار "إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم "وقد تكرر هذا المعنى كثيرا فى القرآن واختلاف النعيم عن الجحيم أمر مفروغ منه .

-إذا كان الجزاء فى الأخرة واحد وهو التنعم فلماذا أنزل الله الوحى ولماذا بعث الرسل ؟لو حدث هذا لكان خلق الله للكون عبث ولهو والله لم يخلق الكون إلا للحق وهو العدل وفى هذا قال بسورة الدخان "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق "وقوله بسورة المؤمنون "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون"

-أن الله أشار لعدم تساوى الكفار بالمسلمين فى الجزاء فقال مثل بسورة القلم "أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون "ولو كان ذلك لا يحدث لكان الله كاذبا وهذا محال .

-أن دود الخل إذا كان يتلذذ بالخل فإن دود العسل لا يتلذذ بالعسل بسبب أن العسل ليس طعامه وإنما مادة يفرزها من بطونه لقوله تعالى بسورة النحل "يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه "فثبت هنا أن العسل ليس لذة للنحل لأن اللذة تكون عبارة عن أكل أو شرب أو مباشرة أو سلطة وهنا لا يوجد أكل أو شرب أو مباشرة أو سلطة بل إن الخارج من البطون هو البول والبراز

قال الفتى نعود لقولهم أن النار والجنة تتمثل فى انتقال الأرواح إلى أجسام سواء حيوانية أو نباتية أو جمادية أو إنسانية فالكافر تحل روحه بالحيوانات الرذيلة والمسلم تحل بالحيوانات الجميلة وهكذا فى بقية الأجسام وقد قالوا أن الحيوان الرذيل الدرجة الأولى من النار والنبات الرذيل الدرجة الثانية من النار والجماد الدرجة الثالثة والسفلى من النار

قال المعلم فى القول أخطاء منها :

-أن النبات والحيوان والجماد وهى كلمات فى الإسلام تعنى الكائنات الحية والميتة ليس فيهم رذيل ولا فضيل لقوله بسورة السجدة "الذى أحسن كل شىء خلقه "فكل مخلوق حسن أى فضيل .

-انتقال الأرواح للكائنات الأخرى يعنى أن الله ظالم لأنه يعذب نفس غير نفس الكافر ونفس غير نفسه يعنى ظلم والنفوس تختلف من الإنسان للحيوان للنبات فكل واحد منها يصلح لجسده فقط ولو كانت النفوس واحدة لكان الكل سواء فى مسألة الأمانة وهى الاختيار بين الكفر والإسلام بدليل تناسل الخيل والحمير ينتج عنه نفس أخرى هى البغال ولو كانت النفوس واحدة ما نتج شىء مختلف هو البغل وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "والخيل والبغال والحمير لتركبوها "ثم دعنا نقول إذا كانت النباتات والحيوانات عقوبات فما معنى أنها خلقت قبل الإنسان

قال الفتى ما معنى هذا ؟

قال المعلم معنى هذا أنها ليست عقوبات لأن العقوبة لا تتقدم على المعاقب بدليل تقدم الخلق على الإنسان والدليل أن الله أبلغ الملائكة بذلك ثم خلق الإنسان فقال بسورة البقرة "إنى جاعل فى الأرض خليفة "فهنا الأرض خلقت قبل خليفتها ثم دعنى أتساءل إذا كنا نأكل الحيوانات والنباتات بعد قطعها فهذا يعنى موتها فمعنى هذا أن المعاقب يحيى ويموت مرات كثيرة بقدر موت الحيوانات والنباتات

قال الفتى هذا صواب

قال المعلم إذا كان الأمر هكذا فهذا يعنى أن نتساءل كيف يموت المعاقب ويحيى مرات كثيرة إذا كان عدد مرات الموت كما قال الكفار ومنهم القائلين بالتناسخ بسورة غافر "ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين "ولو صدقنا التناسخ وهو انتقال الأرواح لأجساد مختلفة فمعنى هذا أن كل المخلوقات الموجودة هى بشر معاقبين ومثابين وهو ما يخالف قوله بسورة الذاريات "ومن كل شىء خلقنا زوجين "بالقطع لا يتفق لوجود أزواج من الخلق ولو تأملت الأمر لوجدت أن الأمر بمثابة جنون فمثلا الملائكة التى اعترضت على خلق الإنسان هى حسب ذلك ناس اعترضوا على خلقهم

ضحك الفتى بالحق نطقت يا معلم

قال المعلم زد على هذا وجود النار كجزاء للكافر .

التقمص :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو التقمص وهو أن تحل نفس إنسان ميت فى جسد إنسان سيحيا أى سيولد بعد ذلك

قال المعلم وماذا يحدث بعد ذلك ؟

قال الفتى أن المولود يكون عارفا بكل شىء عن الميت

قال المعلم حكاية التقمص تابعة لحكاية التناسخ

قال الفتى ماذا يقصد بهذا ؟

قال المعلم يقصد أنهما أمران متشابهان فى بعض التفاصيل

قال الفتى وما حقيقة التقمص ؟

قال المعلم إن التقمص أمر غير حقيقى بمعنى أنه لا يحدث فى عالمنا ولو حدث التقمص لكان أمر الحياة عبث ولهو لأن النفوس كلها ستكون نفس واحدة فكل واحد منا هو أدم (ص)وكل منا أب لنفسه وجد لنفسه وأم لنفسه وولد لنفسه وأخ لنفسه

قال الفتى هذا جنون

قال المعلم نعم فكلنا كان نفس الإنسان حسب نظرية التقمص ويترتب على هذا أن الله كاذب لإخباره لنا بأن كل واحد مستقل يحاسب على فعله وقوله مصداق لقوله بسورة الإسراء "ولا تزر وزارة وزر أخرى "وأن الله ظالم لأنه خلق الحياة عبث وأن لا مسئولية على أحد لأن القاتل سيكون المقتول والسارق هو المسروق وهكذا لأننا واحد فى النهاية

قال الفتى هل من أدلة أخرى على فساد التقمص ؟

قال المعلم نعم فإذا كانت النفس تموت مرات عديدة حسب النظرية فى الدنيا فهذا يتعارض مع أن الحياة الدنيا حياة واحدة لقوله تعالى بسورة الأنعام "قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين "ولأن بعض الكفار حكموا بأن لهم حياة واحدة هى الحياة الدنيا وفى هذا قال بسورة المؤمنون "إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين "

قال الفتى كيف تحدث إذا حكايات التقمص ؟

قال المعلم تنشأ بسبب الطمع فى شىء ما وهى تحدث باتفاق مسبق بين طرفين أو أكثر أو بالإرهاب وذلك للطمع فى مال أو شهرة أو سلطة أو غير هذا من متاع الدنيا.

الاختلاف :

قال الفتى موضوعنا اليوم هو الاختلاف وهو التنازع فى الأحكام الفرعية .

قال المعلم ليس فى الإسلام أحكام أصلية وفرعية فكل الأحكام أصلية والاختلاف فى الإسلام هو حكم من الأحكام

قال الفتى وما حكم الاختلاف فى الإسلام ؟

قال المعلم إن الاختلاف أمر حتمى بين الخلق مصداق لقوله بسورة هود"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "والاختلاف المسموح به للمسلمين هو الاختلاف فى المسائل التى له حكمين فى الإسلام

تساءل الفتى مثل ماذا ؟

قال المعلم مثل القتل فيه حكمين القصاص والعفو ومثل المهر قبل الدخول عند الطلاق فيه حكمين أخذ نصفه أو التنازل عن النصف الثانى من قبل المرأة أو وليها ومثل المحارب فلنا أن نختار له عقوبة من ثلاث هى الموت قتلا وموت بقطع الأيدى والأرجل من خلاف والنفى من الأرض وهو الإغراق فى الماء فهذه الأحكام يجوز لكل إنسان أن يختلف عن الأخر فيها وأما الاختلاف فى الأحكام بمعنى أن المسألة يكون فيها أكثر من حكم وهى لا تحتمل سوى حكم الوارد فى كتاب الله فهذا هو الاختلاف الذى نهى الله عنه فقال بسورة آل عمران "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "

قال الفتى إذا فالاختلاف محرم إلا فيما ورد فى الوحى من نصوص

قال المعلم نعم وقد بين الله لنا أن حل أى أمر يختلف فيه المسلمون موجود فى وحى الله الممثل فى القرآن والحديث وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر "وقوله بسورة الشورى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله ".

النصيحة :

قال الفتى بما تنصحنى يا معلم كى أعرف الحق من الباطل ؟

قال المعلم لكى نصل للحق علينا بطريقين الأول هو أن نعرف الصواب والحق من خلال دراستنا للوحى والثانى أن نعرض ما نعرف من الآراء على الوحى فما وافقه هو الحق وما عارضه كان هو الباطل وليس مطلوبا من المسلم فى حياته أن يعرف إلا الأخطاء التى يقابلها وأما الأخطاء الأخرى التى دفنت فى بطون الكتب أو مع أصحابها فإن لم يعرفها فلا جناح عليه لأنه يتصرف بناء على ما عرفه من الحق .

قال الفتى إن شاء الله أعمل بنصيحتك

ليست هناك تعليقات: